اعتاد المواطن على الاسترخاء يوم الخميس , ويربط كل مناسباته في هذا اليوم حتى بعد ان اصبحت الاجازة الاسبوعية يومين بدل يوم واحد , فالخميس ليلة الملائكة وليلة ابليس على التساوي عند كثير من الاردنيين واظنها عند كثير من العرب , فما زالت تلك الليلة ابرز ليالي السمر والفرح والسهر والدعوات الجماعية المسائية وفي اذهاننا هي ليلة التأخر عن البيت دون حساب من الاهل والامهات حصرا .
الخميس الماضي كان يوما دمويا ولعله الاعنف اردنيا منذ عقود , فقد تسلل القتل الى بيوتنا وللاسف ليس خِلسة , بل امام اعيننا وبصمت مريب من الجميع , مجتمعا واجهزة امن وعشائر وباقي التصنيفات الاجتماعية وبما يشبه الانقلاب الاجتماعي , الذي بات يصحو على جريمة قتل او سرقة او مشاجرة جماعية فلا مكان للهدوء ورحلة الذهاب الى العمل او العودة منه باتت تستوجب التهنئة بالسلامة وتتضاعف التهنئة اذا كان الخروج ليلة الخميس .
العنف السائر على قدميه في طرقات الوطن , يقول بالفم الملآن اننا وصلنا الى الدرجة القسوى في العنف مما يتطلب مواجهة من طراز خاص تبدأها الاجهزة الامنية اولا بتكثيف الرقابة على السلاح المنتشر في البيوت وتحت الخصر في الشوارع , وتعظيم العقوبة دون التحجج بالاجراءات القضائية التي تنتظر اعادة تأهيل قانون العقوبات , فما زال قانون منع الجرائم فاعلا وكان تبرير وجوده لهذه الغاية وليس للاستعمال السياسي ضد النشطاء .
وإلا فإن كثيرين باتوا يقتنعون ان السكوت عن مواجهة موجة العنف تحظى برعاية خاصة من اجهزة الدولة للقضاء على الحراكات الشعبية المطالبة بالاصلاح , ولتعميق الخوف عند المواطن من انفلات الاوضاع الامنية على غرار دول الجوار , وحتى لو استكنّا لهذه التحليل فإن غاية الاسترخاء في مواجهة العنف قد حققت اهدافها وبات المواطن على قناعة كاملة بضرورة بسط هيبة الدولة على كل المرافق , ومراجعة بسيطة للسنوات الثلاث السابقة تؤكد ذلك , فالاردنيون اثبتوا وعيا خاصا وقدموا الامن والامان على المطالبة بالاصلاح فلماذا التقاعس عن بسط الهيبة ؟
المجتمع يقف امام تحديات امنية كبيرة تمس بناءه وتنتهك ابسط قواعده الراسخة , وبات قلقا على ابنائه واملاكه وحياته , وعلى الدولة ان تعود لمواجهة هذا الانفلات بحزم وقبضة شديدة , واول القرارات التي يجب اعادة مراجعتها قانون العقوبات بما يتناسب مع التطور النوعي على الجريمة في الاردن واعادة الاعتبار لتنفيذ حكم الاعدام , لان الحياة تكمن في القصاص « ولكم في القصاص حياة « فثمة استرخاء لدى المجرمين من القصاص ساهم في استسهال القتل وارتكاب الجريمة .
كذلك يجب على وجهاء الوطن التوقف عن السير في الجاهات والعطوات التي تضع القانون في صدام مع الهيبة وتنفيذها , وحصر جهدهم في وقف امتداد شرارة الخطر والثأر مع التأكيد على معاقبة الجاني بما يستحق , فالجاهة والعطوة هدفها عدم اتساع رقعة الشر ومعاقبة الفاعل وليس عائلته او عشيرته والاسترخاء في تنفيذ العقوبات جعل المجرم اكثر الاطراف راحة مقابل تهجير اهله وعشيرته ورأينا كمّ الجلوات وكمّ الهدر في كرامة الافراد بموجبها والحل يكمن في تنفيذ العقوبة ومن بعدها اجراء الصلح النهائي وهذا واجب الجاهة او العطوة .
المجتمع يمر في ظرف دقيق وحساس , ويمكن لجريمة يرتكبها مجرم ان تنقل الشرارة الى كل اركان الوطن , وان تنسحب تداعياتها على الامن الوطني برمته , وممارسة الصمت على هذا الاستراخاء الرسمي يبعث على القلق اكثر واكثر ويمنح المجرمين واصحاب النفوس المريضة الفرصة لممارسة احقادهم وامراضهم , فالامن المجتمعي هو اول الامن الوطني وسلوك الجريمة في الاردن بات ينذر بالقلق ولا بديل عن الحزم والحسم واعادة الاعتبار لحكم الاعدام كي ينال كل مجرم عقابه دون رحمة او تساهل او واسطات سخيفة , فالخطر وصل الى كل الذقون ولا ناجٍ من الخطر .