كان واضحاً ومعروفاً أن خطوة تشكيل حكومة وحدة وطنية بين حركة «فتح» ، ومعها بعض فصائل منظمة التحرير، وبين حركة «حماس» لن تنجح ولن تصمد وأنها ستنهار في النهاية وذلك لأن هذه الخطوة قد جاءت بغير الأساليب والأسس الصحيحة ولأن الطرفين وليس طرفاً واحداً فقط كانا مضطرين إليها لدوافع متعددة جزءٌ منها يتعلق بالعلاقات مع مصر والجزء الآخر إعادة بناء ما تهدم من غزة وتوفير الأموال الضرورية لهذا البناء.. الذي قد يتأخر كثيراً والذي هو ربما لن يتم إطلاقاً ما دام أن المعادلة الفلسطينية تقف على قدم واحدة.
قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي لم يتوفر لها من الوحدة أي شيء، كان يجب أن تكون البداية صحيحة والبداية الصحيحة هي التحاق حركة «حماس» بمنظمة التحرير وحيث بقي الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) يطاردها من أجل هذا الإلتحاق منذ الإعلان عن نفسها في عام 1987 وحتى وفاته رحمه الله ولكن بدون أيّ نتيجة على الإطلاق وأيضاً فإنه غير معقول وغير مقبول أن تكون هناك مثل هذه الحكومة وحركة المقاومة الإسلامية لا تعترف بهذه المنظمة ولا توافق على اتفاقيات أوسلو وما ترتب عليها فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وعلى الصعيد العالمي.
كان يجب قبل هذه الخطوة التي ولدت فاشلة، أنْ تعود الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل الإنقلاب العسكري الدموي الذي قامت به «حماس» ضد السلطة الوطنية الفلسطينية وضد حركة «فتح» وضد منظمة التحرير وضد الرئيس الفلسطيني (الشرعي) محمود عباس (أبو مازن) وكان ، قبل هذه الخطوة، يجب حلَّ جيش حركة المقاومة الإسلامية وحل أجهزتها الأمنية وإنهاء حكومتها الإنفصالية نهائياً.. من المعروف أن هذا الأمر غير ممكن في ظل واقع الحال لكن فإن المفترض أنه من المعروف أيضاً أنَّ عملية «التوحيد» المرتجلة هذه ستنهار قبل استكمالها لا محالة وهذا هو ما حصل مما يعني أنه كان يجب ألاَّ تتم هذه العملية التي كان يعرف موقعوها أن ما كتبت به سيبقى مجرد حبرٍ على ورق!!
إنَّ هذه الخطوة (الوحدوية) كانت مجرد محاولة سبقتها محاولة معروفة بادرت حركة «حماس» إلى اغتيالها ذبحاً وعلى طريقة «داعش» عندما قامت في عام 2007 بذلك الإنقلاب العسكري الدموي الذي جاء استجابة لطلبٍ أو لتعليمات لا فرق، من إيران ومن نظام بشار الأسد وكان يومها هناك ما يدعى «فسطاط الممانعة والمقاومة» وكان المطلوب تعطيل اعتبار أن منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
إنَّ المعروف، إلاَّ لمن لا يريد أن يعرف، أنَّ حركة المقاومة الإسلامية قد بادرت هرولة للإرتماء في أحضان (أبو مازن) بعد إنهيار حكم الإخوان المسلمين في مصر وحيث استجد نظام مصري غير نظام محمد مرسي وحقيقة أن هذه الحركة كانت مصممة على التخلص من هذه الخطوة بأسرع ما يمكن ولذلك فإنها قد قامت باختطاف الإسرائيليين الثلاثة الذين تم اختطافهم في الخليل ولذلك فإنها استدرجت إسرائيل ، التي كانت تنتظر مثل هذا الإستدراج، لحرب غزة التي أعيد خلالها تدمير هذا القطاع مرة أخرى والتي كانت كارثة الكوارث بالنسبة للشعب الفلسطيني في هذا الجزء من فلسطين.
يقال.. والعهدة على الراوي.. أن الجناح الإيراني في «حماس» وهو الجناح نفسه المقيم على الرحب والسعة في إحدى العواصم الخليجية والذي يقوده الأخ (المجاهد) خالد مشعل الذي عيل صبره وهو ينتظر تبوُّؤ موقع (أبو عمار) وموقع (أبو مازن) أيضاً.. والمشكلة هنا أنه إن لم يستطع التيار الآخر ، الذي يقال إنه قريب من القاهرة بحكم الضرورة، أن يقوم بانقلاب مضاد على جناح باقي ما تبقى من «فسطاط الممانعة والمقاومة» فإنه على أهل قطاع غزة أن ينتظروا طويلاً إعادة الإعمار التي لا يمكن أن تتم بدون قناة منظمة التحرير وقناة السلطة الوطنية وقناة محمود عباس.. وأيضاً القناة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.