لم يتعرض مصطلح في العالم للمط والابتذال كما تعرض مصطلح «الإرهاب» فهو لم يعد ذريعة بأيدي السلطات لتصفية الخصوم فقط، بل غدا سوطا بيد كل من هب ودب لشيطنة الآخر، وإخراجه من دائرة الآدمية!
أول «انفجار معرفي!» للمصطلح كان بعد قيام عدد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة بابتكار مصطلح (الحرب على الإرهاب) بشتى الوسائل الممكنة (حملات عسكرية واقتصادية وإعلامية) للقضاء على الإرهاب والدول التي تدعمه. بدأت هذه الحملة عقب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 التي كان لتنظيم القاعدة دور فيها (كما قيل) وأصبحت هذه الحملة محوراً مركزياً في سياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن وشكلت هذه الحرب انعطافة خطيرة وغير مسبوقة في التاريخ كونها حرباً غير واضحة المعالم وتختلف عن الحروب التقليدية لأنها متعددة الأبعاد والأهداف، وفي أيار/ مايو 2010 قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التخلي عن مصطلح «الحرب على الإرهاب»، والتركيز على ما يوصف بـ»الإرهاب الداخلي» وذلك في إستراتيجيتها الجديدة للأمن القومي. ونصت الوثيقة الخاصة بهذا الأمرعلى أن الولايات المتحدة «ليست في حالة حرب عالمية على «الإرهاب» أو على «الإسلام» بل هي حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة و»الإرهابيين» المرتبطين به!
مصطلح «الإرهاب» كان موجودا بالطبع قبل أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، ولكنه بعدها أصبح مطية لكل ذي مأرب، لإضفاء «شرعية» ما على ما يرتكب من أفعال، والاستفادة من التعاطف الدولي والأمريكي مع من يحارب هذا «الشيطان» الجديد، وفي هذا السياق بدأت بعض الحكومات العربية بوصم معارضيها بالإرهابيين لتسهيل عملية ارتكاب مجازر لا تقبلها الإنسانية وتجنب الإدانة الدولية..فخلال ثورة 17 فبراير شباط في ليبيا قال معمر القذافي أن القاعدة وراء الاضطرابات في ليبيا، وخلال الثورة السورية التي راح ضحيتها اكثر من مائة ألف، أعلن بشار الأسد أنه في مواجهة مع مجموعات إرهابية، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2011 دعا بشار الأسد الشعب السوري للاحتشاد والاعتصام لاعلان الحرب على الإرهاب، في 26 حزيران/ يوليو 2013 دعا الفريق أول عبدالفتاح السيسي الشعب المصري للتظاهر بميدان التحرير لتفويض الجيش والشرطة للقضاء على الإرهاب.
من أفضل ما قيل في موضوع الإرهاب، ما ورد في خطاب لمحاضر محمد في بماليزيا عام 2004 إن الإرهاب ليس كالحرب التقليدية، لا يمكن للأسلحة المعقدة ولا الرؤوس النووية أن تهزم الإرهاب. الهجمات الإرهابية هي نوع جديد من الحرب. إنها حرب الضعفاء ضد الأقوياء. فطالما يوجد هذا الفارق الهائل بين القوي والضعيف في القدرة على القتل. لا بد أن تحدث هجمات إرهابية ردا على أنواع القهر التي يذيقها القوي للضعيف، إن الحرب التقليدية ليست بأكثر من إرهاب معطى شرعية. إن المقتولين أكثرهم عزل وليسوا مقاتلين. إنهم ضحايا إرهاب القنابل والصواريخ كضحايا الهجمات الإرهابية. ولأن الحرب التقليدية ترهب الناس فيجب أن يتم وضعها في الحقيبة نفسها كأعمال إرهابية التي يقوم بها الإرهابيون غير النظاميين!
بقي أن نقول أن بوسعك وضع كلمة «إسلام» مكان كلمة الإرهاب حيثما كانت، لنفهم حقيقة الحرب العالمية الثالثة!