خلال الاسابيع القليلة التي تلت قرار حكومة السويد الاعتراف بدولة فلسطين، استلمتُ والسفارة السويدية رسائل ومكالمات هاتفية وعددا من رسائل الدعم القصيرة من الشعب هنا في الاردن. لذا دعوني اتقدم بشكري الخاص وكذلك شكر حكومة السويد على كلماتكم اللطيفة وتعبيركم الايجابي عن دعمكم. أشعر بالفرح والغبطة لاهتمامكم هذا وهو شاهد على الالتزام القوي للشعب الاردني تجاه فلسطين والسلام في الشرق الاوسط.
أود أن أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن الاسباب الكامنة وراء هذا القرار.
لقد كان للسويد وعلى مدى بعيد ارتباط واسع مع الشرق الاوسط، ويعتبر التزامنا الثابت لإيجاد سلام دائم في المنطقة هو حجر الزاوية، سلام تقدر بموجبه دولة اسرائيل العيش جنباً الى جنب بسلام وأمن مع دولة فلسطينية ديمقراطية متماسكة وقابلة للحياة.
يعتبر قرار حكومة السويد الاعتراف بدولة فلسطين جزءا من التزام قائم منذ فترة طويلة ويأتي في زمن حرج. لقد رأينا خلال السنة الماضية كيف أن محادثات السلام قد توقفت مرة اخرى، وكيف أن قرارات الاستيطان الجديدة على الاراضي الفلسطينية المحتلة قد أعاقت حل الدولتين وكيف أن العنف قد عاد الى غزة ومؤخراً أيضاً الى القدس. إن الاعتراف السويدي هو مساهمة في مستقبل افضل لمنطقة تميزت، ولفترة طويلة جداً، بالمفاوضات المتجمدة والدمار والاحباط وازهاق الكثير من الارواح.
أولاً، الاعتراف بدولة فلسطين، تريد السويد أن تقدم دعمها للقوى الفلسطينية المعتدلة - اولئك الذين سيتولون عملية بناء الدولة الفلسطينية والذين سيقومون قريباً بالجلوس ثانية الى طاولة المفاوضات.
ثانياً، بلدي يريد تسهيل الاتفاق من خلال جعل الاطراف في مفاوضات السلام أكثر تكافؤًا. والهدف هو تمكين اسرائيل وفلسطين من العيش ضمن حدود معترف بها بشكل متبادل، مع حدود عام 1967 كأساس والقدس كعاصمة للدولتين، وان اي تبادل للأراضي سيكون مقبولاً فقط اذا تم التفاوض عليه من قبل الطرفين. نحن نشاطر هذه الاهداف مع الاردن والمجتمع الدولي الاوسع.
وثالثاً، نحن نأمل أن نساهم في اعطاء المزيد من الامل والتفاؤل بين الشباب الفلسطيني والشباب الاسرائيلي والذين بخلاف ذلك هم في خطر التحول للتطرف معتقدين بأنه لا يوجد هناك بديل عن العنف والوضع الراهن. ونحن نريد أيضاً ان نرسل رسالة أمل للمنطقة كلها. وكما نعلم جميعاً، فإن هذا النزاع له آثار ابعد من اسرائيل وفلسطين فقط.
في عام 2009 أكدت الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين، حين يكون ذلك مناسباً. تود السويد أن تقود الطريق. وفي ضوء الوضع الصعب في المنطقة، ارتأت حكومتي بأنه لا يوجد سبب لتأخير القرار السويدي. نأمل بان يقود هذا الاخرين للطريق.
سيعقب اعتراف السويد بدولة فلسطين زيادة الدعم لجهود بناء دولة فلسطين وتنمية الديمقراطية وحقوق الانسان في فلسطين. الاعتراف يستلزمه مسؤولية اكبر. سيكون للسويد متطلبات واضحة من فلسطين تماماً كما هو الحال من اسرائيل، وهي ستشمل محاربة الفساد واحترام الحقوق المدنية والسياسية وزيادة تأثير المرأة. ومن الواضح أيضاً أن هذا يعني النبذ الكامل للعنف.
هناك من سيقولون ان القرار سابق لأوانه، السويد تخشى أن يكون متأخراً جداً. ستقوم حكومتي الان جنباً الى جنب مع الاردن وممثلين آخرين من الاطراف الاقليمية والدولية مثل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والامم المتحدة بالعمل على دعم استئناف المفاوضات حول تسوية الوضع النهائي، مثل هذه التسوية يجب أن يتم التفاوض عليها وفقاً لمبادئ القانون الدولي وضمان المطالب المشروعة لتقرير المصير والامن للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
اسمحوا لي اخيراً أن اعرب عن قلقي العميق ازاء الوضع في القدس مع تجدد العنف حول منطقة المسجد الاقصى والضفة الغربية. السويد تحث الجانبين على التصرف بمسؤولية والعمل على نزع فتيل التوترات. وفي هذا الصدد، اسمحوا لي أن اعرب عن دعمي للدور الحاسم الذي يلعبه جلالة الملك عبدالله الثاني كوصي على الاماكن المقدسة في القدس. نحن بحاجة لعزل المتطرفين من جميع الاطراف ودعم المعتدلين والقوى غير العنيفة التي تعمل من أجل تعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة بين الجنسين.
للأردن واسرائيل معاهدة سلام قائمة والتي لها مساهمة كبيرة للسلام في الشرق الاوسط. اسرائيل وفلسطين تعيشان بالفعل جنباً الى جنب، وعليهما أن تقوما بذلك بالتعايش السلمي ضمن حدود آمنه ومعترف بها. إن الغرض من اعتراف السويد بفلسطين هو المساهمة في مثل هذا المستقبل.
* سفيرة السويد لدى الاردن