يبدو كأن راية الإرهاب انتقلت من يد (القاعدة) التي تعاني الشيخوخة غير الصالحة إلى يدِ داعش التي تمارس المراهقة. يحدث هذا بالرغم من أن (القاعدة) هي أم الإرهاب في العصر الحديث ، ذلك أن احتلال أجزاء واسعة من العراق وسوريا ، وإعلان دولة إسلامية وخلافه ، أثار خيال الكثيرين في العالمين العربي والإسلامي ، بحيث أصبح أفراد متطرفون وجماعات إرهابية منظمة هنا وهناك يعلنون عن ُبعد ولاءهم لداعش ومبايعتهم للخليفة.
لم تعد داعش تقتصر على سوريا والعراق ، فقد أصبح لها تابعون موالون لها في مصر وليبيا والجزائر واليمن وأفغانستان وباكستان وإن لم يوجد أي نوع من الاتصال أو التراتبية الإدارية بين داعش المركزية والدواعش الجديدة التي قررت أن تدور في فلكها.
انتشار الداعشية الإرهابية عبر الحدود يستدعي انتشاراً مماثلاً لمقاومة التطرف والإنحراف على أساس جماعي ، ذلك أن الجهات التي لا تحارب داعش في عقر دارها ، ستجد أن داعش سوف تحاربها في عقر دارها.
مصر مثلاً أرادت أن تنأى بنفسها عن التحالف العربي والدولي لمحاربة داعش لأنها مشغولة بمحاربة الإرهاب الإخواني في مدنها وشوارعها وجامعاتها ، فكانت النتيجة أن جاءت داعش إليها عندما اعلنت عصابة بيت المقدس الإرهابية انضمامها لداعش وولاءها للخليفة المزعوم. ولا يستبعد كثيرون أن تلحق حماس بيت المقدس في إعلان الولاء لداعش.
بذلك تثبت مجدداً القاعدة القائلة: إما أن تحارب الإرهاب في أي مكان في العالم أو تنتظر وصول الإرهاب إلى بيتك.
أهم بلدين يواجهان اليوم أكبر المخاطر من الإرهاب ويقومان بمحاربته براً وجواً هما سوريا والعراق ، أما العراق فيحظى بالدعم العربي والعالمي لأن حكومته مقبولة للمجتمع الدولي ، وأما سوريا فلا تحظى بالدعم سوى من إيران وحزب الله.
تركيا لها موقع هام ومؤثر ، ولكن أولوية تركيا هي إسقاط النظام السوري ولو بمهادنة الإرهاب ، ولذا يقول أردوغان أن ضرب داعش يخدم مصلحة النظام السوري. إذا كان الأمر كذلك فإن من رأي تركيا أن تقوية داعش ودعمها يضعف النظام السوري ويحقق الإهداف التركية المعلنة ، فلا غرابة إذا أخذت تركيا موقفاً صريحاً إلى جانب داعش وضد سوريا.