خلال الايام الاخيرة قرأنا تصريحا لاحد قادة حماس في الداخل ينفي أي نشاط للحركة على الساحة الاردنية ، وهذا التصريح جاء على خلفية ما صدر من سلطات الاحتلال عن اكتشاف خلية لحماس حيث ورد اسم الاردن في هذا الخبر من خلال استعمال للارض الاردنية بشكل ما .
لا نأخذ معلوماتنا من الجانب الاسرائيلي لكن الاجهزة الاردنية المعنية قادرة على التحقق والوصول الى المعلومة ، لكن هذا الموضوع الامني قد يكون فرصة للحركة لتتأكد دائما من شكل العلاقات التي تربطها بالاردن الدولة والقوى السياسية وبشكل خاص الاخوان المسلمين حيث لم يعد سرا ولا تحليلا القول ان هناك تيارا داخل الجماعة يتبع او يرتبط بشكل ما مع حماس ، وهي قضية جزء من الخلاف الاخواني الداخلي حيث يعلن تيار داخل الحركة رفضه لامتلاك حماس نفوذا وتحريكا للجماعة وفق مصالحها ، وهذه قصة قديمة داخل الجماعة بدأت منذ النصف الثاني من التسعينات وما زالت حتى الآن ، وقيادات الجماعة والمتابعون يعلمون تفاصيلها وابطالها وتتجدد مع كل انتخابات داخلية في الجماعة والحزب .
ربما على حماس ان تدرك ان عليها الاستفادة العملية وليس النظرية من التجارب الرديئة لمنظمة التحرير وفصائلها حين تدخلت في الشأن الداخلي للدول التي استضافتها ومنها الاردن ، وان تلك التجارب المحزنة والدموية صنعت قناعة لدى العقل السياسي والامني الاردني بالتعامل بحزم مع أي محاولة لجعل الاردن
« ساحة « لعمل أي فصيل او حركة ، لان الامر يبدأ بمكتب ثم يمتد لنشاط أمني واسلحة ومقاتلين ، ومن يعنيه الامر من هذه التنظيمات وايضا الدولة يعلمون هذه التجاوزات ، وبخاصة ان الساحة الاردنية مغرية لهذه التنظيمات بالعمل بسبب اجواء الانفتاح وايضا التركيبة السكانية ، اضافة الى وجود « فروع « اردنية لتلك الفصائل ، وقبل هذا استغلال المكانة الرفيعة للقضية الفلسطينية لدى كل الاردنيين .
الاردن ليس لديه مشكلة مع حماس الفلسطينية أي التنظيم الذي يعمل داخل الاراضي الفلسطينية ولا يستغل أي ساحة من ساحات الدول المجاورة وتحديدا الاردن ، وحتى لو كان هناك اختلاف في التوجه السياسي فان الاردن لا يدخل في مواجهة مع احد من تلك القوى ما دامت على ارض فلسطين ، ويتعامل مع السلطة الرسمية ، والاردن هو الذي يقيم منذ سنوات علاقات مع أهل غزة عبر المستشفى العسكري وقوافل الخير والمساعدات التي يعتبرها جزءا من واجبه ، وليس لدى الدولة مشكلة في التعامل مع أي طرف تحت اطار الارض الفلسطينية ، بل ان سجل العلاقة حتى مع حماس كان ايجابيا فالموقف الاردني الصلب للحسين رحمه الله كان وراء انقاذ رئيس المكتب السياسي من الموت بعد محاولة اغتياله من الموساد ، وكذلك الافراج عن الشيخ احمد ياسين رحمه الله ، وايضا تدخل الحسين رحمه الله لدى الادارة الامريكية للافراج عن موسى ابو مرزوق واعادته لاهله .
لعل حماس اليوم تدفع ثمنا لدخولها لعبة المحاور والتحالف مع دول ضد اخرى ، والثمن ايضا تدفعه القضية الفلسطينية ، وتدفع ثمنا لخوضها معارك الاخوان المسلمين مع بعض الانظمة ، وثمنا لمحاولتها امتلاك نفوذ في بعض الساحات من خلال هيمنتها على صناعة القرار داخل الاخوان المسلمين .
قضية فلسطين أكبر من كل هذا والدول لا تتعاطى مع تصريحات اعلامية ايجابية بل مع المعلومات والحقائق والاعترافات ، وما افرزته مرحلة الربيع اضعف مصداقية الحديث النظري ، فالعبرة بالافعال وليس بالتطمينات الاعلامية ، وحماس كتنظيم يعمل على الارض الفلسطينية فقط يملك فرصة لعلاقات اقوى وتعاطفاً من الجميع .