نجح الشتات اليهودي بإنتاج دولة اسمها اسرائيل , في المقابل ساهم الشتات الفلسطيني بضياع دولة اسمها فلسطين , وما بين شتاتين وسلوكين يمكن الحديث طويلا عن مساهمة كل شتات في الانتاج والضياع من مقاربة بسيطة لفعالية احتضنتها عمان الاسبوع الماضي وهي نموذج على سبيل الحصر , فخلال احتفال لجامعة القدس المقدسية لم تنجح اللجنة الطلابية في الجامعة بالحصول على الدعم المطلوب لنشاطاتها التربوية مثل تعليم ابناء الشهداء والاسرى والفقراء في القدس ولم تصل مبالغ التبرعات الى قرابة المائة الف بعد تخجيل وضغوط .
بالمقابل فإن نشاط محدود للجامعة العبرية في ولاية مينوسوتا الامريكية نجح بحصد ثلاثة ملايين دولار خلال ساعتين , ودون مرافقة موسيقى واغان ومطرب كما فعلت جامعة القدس التي استعانت بالمطرب الشاب محمد عساف لجذب جمهور للتبرع وتسويق النشاط , فالقدس وجامعتها غير قادرتين على جذب جمهور ومتبرعين , وهذا غيض من فيض لنشاطات عربية مماثلة , فخلال فورة غضب عربية لجمع التبرعات للانتفاضة الفلسطينية ,على احدى اهم الشاشات العربية لم يصل مجموع ما تبرعت به دول ثرية ورجال اعمال من مختلف الجنسيات طوال يوم كامل “ تيلثون “ ثلث ما جمعه شارون من ولاية نيويورك دعما لإسرائيل، وحتى لا يكون الحديث عموميا فقد جمع شارون وقتها ستين مليون دولار من نيويورك فقط .
سيشرع كثيرون بتوصيف اسباب ضعف تأثير الشتات في القرار الفلسطيني ومحدودية استجابة الشتات بأثريائه ومتوسطيه وفقرائه في دعم قضيتهم , فمنظمة التحرير المعنية بالشتات ضاعت بين سطور السلطة الوطنية الفلسطينية المعنية بأهل الضفة والقطاع نسبيا , فهي حدِّ اللحظة ليست معنية بإلغاء هذا المصطلح ومن يتابع تصريحات رجالات السلطة سيجد غيابا عن الحديث عن الشعب الفلسطيني طبعا مع اطلاق اسم عرب الـ 48 على الفلسطينيين في فلسطين الطبيعية دون اي ذكر للشتات الذين يتم التعامل معهم وفق جنسية بلد اللجوء كثيرا مع عطف نسبي على اللاجئين الفلسطينيين ممن لم يحصلوا على جنسية دول اللجوء دون تقديم اي سند او عون لهم فهم من مسؤولية وكالة الغوث وما تجود به دول اللجوء .
وبالتتالي فإن حُجّة الاثرياء الفلسطينيين في عدم التبرع حاضرة بسبب استشراء الفساد في منظمة التحرير وظاهرة ثوار الفنادق ومكاتب السفارات الفارهة وسطوة فصيل على القرار الى باقي الاسباب الطازجة والمعلبة , دون اي فعل مدني لإنتاج ادوات مجتمعية للدعم او اعلاء محاسبة الفساد في دوائر منظمة التحرير , وحلّت شماعة الفساد مشاكل الاثرياء في التبرع دون قرع جرس الانذار لتشكيل لجان مجتمع مدني ومؤسسات مجتمع لخدمة الفلسطينيين على الاراض الفلسطينية والشتات وهنا اورد بالمناسبة نموذج مليونير صيني أعاد بناء اكواخ قريته على حسابه الشخصي إكراما لأهل قريته الذين عطفوا عليه وعلى عائلته وهو صغير .
ثمة مسكوت عنه في الحديث عن الشتات مفاده أن رجالات السلطة الفلسطينية يخشون من تأثير الشتات على القرار وربما منازعتهم القيادة , وثمة تعميق لهذا الشعور وتثقيفه حتى تبقى السلطة في يد مجموعة بعينها وتمارس عملها بفردية شخصانية وثمة رعب اكبر عند دول الشتات من احياء الحس الفلسطيني متساوقة بذلك مع السلطة والمنظمة على حد سواء في اسكات الشتات والهائه في جمع المال وتوفير سُبل الحياة الكريمة لعائلاتهم او للدقة طحنهم في “مولينكس” الحياة وتزاوج ذلك مع بُخل وانعدام الحس الوطني عند اثرياء الشتات الذين وجدوا الفرصة مواتية لكنز الاموال وتخزينها للايام الغادرة , ومع ذلك ما زلنا نتحدث عن اليهود وبخلهم بلغة شكسبير وشيلوك ناسين النظر الى انفسنا اولا .
يهودية الدولة تدق ابوابنا بعنف ونحن نضع القطن في اذاننا مؤكدين عدم حدوث الطرق اساسا ولكنها ايام وتصعقنا الكارثة اذا لم نعد ترتيب البيت العربي والاهم البيت الفلسطيني بشتاته واهل الداخل .