غريب ،بل أنه يدعو إلى إثارة العديد من التساؤلات، أن يكون هناك إصرار ليس على تعديل قانون الإرهاب وإنما على إلغائه ويبدو أن المقصود هو إبعاد التهمة الإرهابية عن «القاعدة» و»داعش» وعن كل الذين يساندونهما سراً وعلناً ويعتبرونهما تنظيمين جهاديين وكأن العالم كله متواطئ وكأن قطع الأعناق على رؤوس الأشهاد لا يسيء إلى الدين الإسلامي الحنيف ويشوه صورته أمام سكان الكرة الأرضية الذين لا زالوا لم يتخلصوا بعد من كوابيس جرائم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 رغم مرور كل هذه الأعوام الطويلة.
الآن بات الإرهاب يطوق بلدنا ،المملكة الأردنية الهاشمية، من كل جانب، بل وهو غدا يقف على مفارق طرقنا وعلى أبواب بيوتنا وأبواب مدارس أطفالنا ولذلك فإن المفترض بالإخوان المسلمين وحزبهم جبهة العمل الإسلامي أنْ يطالبوا ب»تغليظ» القانون المتعلق بمقاومة هذه الآفة الكونية الخطيرة والتصدي لها كما أن المفترض أن ينضموا لأبناء الشعب الأردني الذين يشيدون بشجاعة وإداء أجهزتنا الأمنية وقواتنا الأردنية المسلحة-الجيش العربي الذين يحرسون حدودنا ويسهرون الليالي الطويلة من أجل أن يبقى هذا البلد آمناً ومستقراً بينما المنطقة حولنا تهتز كالقصلة في الهواء وتواجه كل هذا العنف الأهوج الذي يدمِّر البلاد ويشرد ويشتت العباد.
لا يوجد هناك إستهداف لا للإخوان المسلمين ولا لوجه عملتهم الآخر حزب جبهة العمل الإسلامي والمعروف أنهم بقوا الطفل المدلل الذي يحق له ما لا يحق لغيره وبقوا حتى الآن يخالفون العديد من القوانين النافذة تنظيمياً وسياسياً لكن ومع ذلك فإنهم بعد رحيل جيل «العمالقة» ،الذين كانت أولوية ولائهم لهذا الوطن ولهذه الدولة وليس لا للمرشد الأعلى ولا للتنظيم الدولي، قد تحوَّلوا إلى عنصر توتير ومشاغبة وتحولوا إلى مجرد صدىً ناشزاً لأجندات خارجية وأصبح إنحيازهم إلى حركة «حماس» التي لم يُقصِّر بحقها الأردن ،الدولة والشعب، على الإطلاق مقدماً على ولائهم لهذا البلد وبكل ما فيه وما عليه.
لماذا يُمعن الإخوان المسلمون وحزبهم جبهة العمل الإسلامي الآن في الإلحاح على ضرورة إلغاء :»قانون الإرهاب» وليس الإكتفاء بمجرد تعديله.. هل ليجدوا مبرراً لإنحيازهم إلى «داعش» و»النصرة» و»القاعدة» و»خراسان»؟!.. هل ليوفروا مبرراً لنائب مراقبهم العام ليكرر قول ما قاله وأكثر وبدوافع تنظيمية وسياسية لا علاقة لها لا بالشعب الأردني ولا بالقضايا الأردنية وهدفها الدفاع عن نظام أضاعته «الجماعة الإسلامية» بعدم لياقتها للحكم ولا إستعدادها له والدفاع عن فروع التنظيم الدولي التي أُعتبرت في العديد من الدول العربية تنظيمات إرهابية؟!.
هناك حديث نبوي شريف يقول :»أُنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» وعندما سُئل عليه الصلاة والسلام وكيف ننصر أخانا ظالماً أجاب :»نرده عن ظلمه».. وحقيقة أن الذين يتغاضون عن تجاوزات الإخوان المسلمين ،والمقصود «إخواننا» هنا في المملكة الأردنية الهاشمية، وأخطائهم إنما يشجعونهم على التمادي في هذه الأخطاء القاتلة ولذلك فيقيناً أن الذين سمحوا لهم لدى تشكيل الأحزاب السياسية في بدايات تسعينات القرن الماضي بما لم يسمحوا به لغيرهم قد وضعوهم في النهاية وبالنتيجة في هذا المأزق الذي يواجهونه... إذْ لم يعد ممكناً السكوت على تجاوزاتهم القانونية والسياسية وإذْ لم يعد لا ممكناً ولا مقبولاً أن يبقوا فرعاً ل»الإخوان» في مصر وأن يكون ولاؤهم للتنظيم الدولي وللمرشد العام ولحركة «حماس» مقدَّمٌ على ولائهم لقضايا الشعب الأردني وللدولة الأردنية.
إنه غير جائز أن يسمح لهؤلاء حتى بمجرد المطالبة بإلغاء قانون الإرهاب الذي كان أُقر من قبل مجلس الأمة وأصبح ساري المفعول منذ لحظة إقراره وتوشيحه بالإرادة الملكية السامية فالمطالبة الحثيثة والدؤوبة بإلغاء هذا القانون تعني عملياً وفعلياً الإصرار على التخلص من موانع الإنحياز إلى «داعش» و»النصرة» و»خراسان» و»القاعدة».. وهذا إن هو تم وهو لن يتم إطلاقاً فإن الأردن سيوضع على القوائم الإرهابية وإن الأردنيين كلهم سيصبحون متهمين وسيصبحون مطلوبين ومطاردين في العالم بأسره.