ماذا تتوقع من حركة الانقلاب في قطاع غزة بعد ما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة من ظروف مأساوية جراء مغامرات دهاقنة الإسلاموية السياسية ؟؟ هل هناك من لازال يأمل خيرا في حركة الردة و المرتدين عن السراط الوطني المستقيم وهي تتمادى و تمعن في الغلو و الفجور وتمارس كل صنوف القمع و الإرهاب ضد كل مخالف أو معارض لممارساتها الإجرامية و أفكارها الملوثة بالتكفير و التخوين و الإنحطاط العنصري ؟؟ هل من الممكن أن يتحول هذا الكائن العدواني الذي إسمه حماس إلى جزء من الحالة الوطنية له ما لها و عليه ما عليها ، بينما يسعى بجنون إلى فرض رؤيته و برنامجه الخاص على الكل الوطني إما بقوة الإرهاب أو عبر أساليب الإبتزاز و المساومة ، بلا إطالة لقد ذاب الثلج و بان المرج ، ولم يعد هناك متسع من طاقة الإحتمال وقد أغلقت أبواب و منافذ التحليل و التأويل و التفسير التي لجأ إليها العطارون من القوم الذين كانوا ولا زالوا يبحثون عن إبرة المصالحة الوطنية في جبل القش الحمساوي .
حماس رفعت من وتيرة التهديدات التى توزعها ذات اليمين و ذات اليسار ، وهذا هو المتوقع و إن كانت المتغيرات الدراماتيكية في المنطقة قد عجلت بالتصعيد الكلامي الذي سبقه الكثير من المؤشرات التى تشي بصعود باروميتر التطرف بين ظهرانيها مما جعله صاحب الكلمة الفصل في قراراتها و توجهاتها الميدانية التى إنعكست على شكل تفجيرات بالعبوات الناسفة موجهة ضد منازل و ممتلكات الفتحاويين في قطاع غزة و منع إحياء ذكرى الراحل الخالد أبو عمار وما تلاها من إجراءات قمعية ضد أنصار الحركة و قياداتها الميدانية ، مع موجة من الهياج الإعلامي و التصريحات السياسية الداعية لإسقاط الرئيس الفلسطيني و محاولة العزف على أوتار الخلاف الداخلي الفتحاوي وبكل وقاحة تطلب من المختلفين مع الرئيس عباس التحالف معها ، وكأن هناك فتحاوي حقيقي ممكن أن يقدم على مثل هذه الجريمة التى ترقى إلى مستوى العار ، وفقط نذكر حماس ومن سبق أن تحالف معها في فتح ضد تيار منافس له في الحركة عندما خرجوا لا يلوون على شئ هروبا بإتجاه العدو الاسرائيلي بعد أن أمعنت فيهم مليشياتكم المسلحة قتلا و تقتيلا في أعقاب الإنقلاب الدموي وتمكين سلطة الأمر الواقع من رقاب العباد والإفساد في البلاد ، أما من حاول مداهنة حماس من الفتحاويين طيلة السنوات الماضية التي تلت ذلك و أعطى الدنية في إنتماءه التنظيمي فلم يحصد سوى شوك العمالة و الدونية في نظر الأقارب و الأباعد لذلك فإن أمنية التحالف مع البعض الفتحاوي في قطاع غزة أمنية بعيدة المنال إن لم تكن مستحيلة ، أم من غيرهم فإن الفرصة قد تكون مواتية له في ظروف مختلفة على أقل تقدير ولكنها ستكون في كل الحالات هي السقوط بعينه ، إذ أن تحالف أي جهة في فتح مع حماس ضد أي كان في فتح من المحرمات الوطنية والأخلاقية ، وليذكر الجميع حرمة الدم الفتحاوي المسفوح ونزف ممن تصدى لمشروعها العدمي أومن تحالف معها على حد سواء ، ومن هنا فإن التلويح الحمساوي بوجود خيارات أخرى في الإتجاه المعاكس للوحدة الوطنية و التحلل من إستحقاقاتها لن يضيف لها سوى مزيد من الكراهية الشعبية و الرفض الجماهيري .
في نفس الوقت على الصعيد العملياتي أيضا فإن الإقدام على تسريع الوتيرة في بناء ما يسمى بالجيش الشعبي في قطاع غزة و الشروع في تدريب و تأهيل الألاف من الشباب صغار السن على إستخدام مختلف أنواع الإسلحة الخفيفة لا يعني سوى الإعداد لإستخدامهم كوقود للحرب القادمة من وجهة نظر حماس تدفع بهم في مواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل أو قد تسعى لإستدراجه عبر عملية تسخين مبرمجة أو بإستغلال حدث ما لتوريط المنطقة في آتون حرب إنتحارية ، وقد يكون هؤلاء الشبان من المضللين الذين يجري تجنيدهم في ما يسمى بالجيش الشعبي هم المفاجأة التي تعدها لهذا الغرض على الطريقة الخمينية ، عندما قام الإمام الخميني أثناء الحرب العراقية الإيرانية بالزج بالألاف من الشبيبة الإيرانية إلى آتون جبهات القتال بعد أن منحهم مفاتيح الجنة ، و حماس من الناحية الفكرية و الشطط ما يؤهلها للوقوع في مستنقع ذلك السلوك الإنتحاري ، علاوة على مكيافلية القيادة الحمساوية المغامرة إلى جانب ما يصيغ طريقة تفكيرها من عقد النقص و الإستعلاء ، كما أن حجم الأزمة العميقة التي تعاني منها الحركة قد تدفعها إلى الذهاب بعيدا في خياراتها لدرجة الإقدام على هدم المعبد على من فيه ، بالرغم عن كل ما يقال عن براغماتية إخوان البنا و الجماعة الإرهابية التي يضيق عليها الخناق الإقليمي يوم بعد يوم ، وتغلق في وجهها الأبواب جراء سياساتها الإجرامية و المراهقة السياسية التي تطغى على سلوكها و مواقفها في مختلف الساحات و باتت فقط تضبط تقديراتها وفق ما تمتلكه من قوة و تأثير في إرهاب الآخرين و محاولة إخضاع و إكراه المجتمعات العربية على منحها موقع السيادة و القيادة بكل الطرق .
ليس من باب المبالغة التفكير و التقدير بأن حماس من الممكن أن تلجأ إلى الطريقة الخمينية ، بينما تتسلح بالمال والسلاح الإيراني ويساعدها في التدريب العسكري و التخطيط و إدارة العمليات خبراء إيرانيون في كل المجالات ، وهي ترى في الجيش الشعبي أحد أدوات الصراع القادم سواء في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي أو حتى في تحديد أدوات الصراع مع السلطة الوطنية و مكوناتها في أي مرحلة مقبلة ، وتضاف إلى عناصر قوة الإكراه التي تمتلكها من كتائب القسام و حماة الأقصى و غيرها من التسميات المليشياوية و الأمنية ، ويبقى أيضا السيناريو الغبي الذي لن يكون خارج دائرة التوظيف المحتمل بإستخدام هذا الجيش الشعبي و الدفع به جنوبا بإتجاه الحدود المصرية الفلسطينية في حال ضاقت حلقاتها و إستحكمت الإمور سلبا في وجه حماس ولم تجد مفرا من الذهاب لخلط الأوراق في المنطقة جراء عمق الأزمة التي تعيشها منذ سقوط الحلم الإخواني على يد ثورة 30 يونيو في الشقيقة مصر و ما تلاه من إتهامات لحركة حماس بالمشاركة في أعمال إرهابية ضد الدولة المصرية و مؤسساتها و في المقدمة منها الجيش المصري وحالة القطيعة و العزلة التي تعاني منها الحركة على المستوى الإقليمي بصورة عامة .
غير أن كل المؤشرات تقود إلى أن الحركة الإنقلابية التي فشلت حتى الأن في تحقيق أي من أهدافها و أغراضها الحزبية و مشاريعها السياسية بعد مضي حوالي سبع سنوات ونصف من سيطرتها بالقوة المسلحة على قطاع غزة و توجيه ضربة قاصمة للمشروع الوطني الفلسطيني ، وكانت تراهن عبر الحرب العدوانية الأخيرة التي إستمرت لمدة 51 يوما أن تحقق بعض النتائج التى تفكك أزمتها الطاحنة وهو مالم يتحقق و سقطت كل الشعارات البراقة على المحك العملي فلا ميناء و لا مطار ولا إعمار و لا فك الحصار ، وجلبت الموت والدمار و خراب الديار لقطاع غزة و أهله ، ولم تحل مشكلة الموظفين من أنصارها وذهبت التصريحات العنترية والوعود الوهمية أدراج الرياح .
لايخفى على عاقل بأن حماس سوف تندفع بقوة نحو خيارات و إتجاهات عبثية تعمق من أزمتها الداخلية و توسع شقة النفور الوطني منها و غياب كل عوامل الثقة في النظرة لها ، كما تزيد من منسوب الإحتقان الجماهيري الموجه ضدها وتساهم في تعزيزحلقات الضغط الإقليمي عليها ، مما يضعها في دوامة خانقة من التآكل الداخلي و الانتحار الذاتي ، بعد أن فقدت كل ظهير عربي و إقليمي ممكن أن يقدم لها طوق النجاة بعد أن عادت قطر إلى بيت الطاعة الخليجي ، وتركيا تغرق في مستنقع أزماتها الداخلية وجمر القضية الكردية و نيران حرب الدواعش وطموحاتها المتعثرة على الساحة السورية ، لذلك من يراهن على صمود حماس و قدرتها على المناورة إلى ما لا نهاية فهو مخطئ ، ولا مقارنة بين المعطيات و الظروف الذاتية و الموضوعية المحيطة الأن وتلك المرحلة الذهبية التى إنتهت بسقوط النظام الإخواني في مصر وفشل المشروع الحلم لجماعة الإخوان و تنظيمها الدولي بالسيطرة و التمكين للإسلاموية السياسية و تحكمها في مقاليد السلطة بالمنطقة العربية بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية .