رحم الله الوزير زياد أبوعين.. وإن الاعتداء عليه، واستشهاده، يضع السلطة الوطنية الفلسطينية في مأزق كبير جدا؛ لأن الرد على الجريمة بالبيانات، لن يكون كافياً.
كل هذا يشي بأن اسرائيل لا تأبه بحصانة وزراء السلطة، ولا وزراء حماس سابقا، مثلما لا تأبه بحصانة نواب فتح او حماس، وكل هذه الحصانات السياسية، بسبب المواقع، أهانتها اسرائيل مراراً، بالترحيل والسجن والطرد والنفي.
ماذا تبقى إذن من كل مشروع اوسلو، ومشروع الدولة الفلسطينية، اذا كانت اسرائيل تقتل عامة الفلسطينيين، وتقتل المسؤولين، من شتى الاتجاهات السياسية، دون ان يرف لها جفن، ولاتستثني، الا تلك الحفنة، التي قد تنسق مع الاسرائيليين، او تمرر طلباتهم، هنا او هناك؟!.
رسالة اسرائيل تتجاوز بكثير ايضا فكرة المظاهرة، وهي تريد ان تقول من جهة ثانية، إن مآلَ اي مسؤول فلسطيني، يقف في وجهها، سيكون مثلَ هذا المآل المؤلم، والرسالة من جهة أخرى تتمدد وتتسع لتشمل كل رموز سلطة رام الله السياسيين والأمنيين، ومابينهما من اسماء ومواقع.
هذا يعني احد أمرين في النهاية، إما أنْ يكون المسؤول الفلسطيني لحديًا جاسوسًا، فينجو، وإما ان يلتحق بالبقية، من شهداء وجرحى ومنفيين.
الرئيس الفلسطيني اضعف من ان يتخذ موقفاً حقيقيا، ضد اسرائيل، وسيلوذ بالتهديدات، والكلام الساخن، وشكوى هنا او هناك، او بخِطط تصعيد بديلة ليست تحت عنوان الوزير زياد ابوعين، والنتيجة ستكون صفراً في سلة اسرائيل.
الوزير ايضا ليس اهم من شعبه، حتى لا تكون قصتنا الوزير فقط، إذ تم سفك دم الفلسطينيين في غزة والقدس والخليل وكل مكان، ولم تقدر السلطة ان تفعل شيئا، فلماذا سيكون دم الوزير هنا، أغلى من شعبه بنظر اسرائيل او السلطة؟!.
كل هذه التفاصيل تقول بصراحة ودون تجريح، إننا لسنا امام نواة دولة، ولاشبه دولة، نحن امام سلطة ضعيفة جدا، مفككة، مستباحة، دورها وظيفي، منشغلة بحروبها الصغيرة مع هذا التنظيم او ذاك، ويا ليتها تحصد الثمن!!، هيبة وحصانة وانجازا، لكنها تكتشف في عز خضوعها، ان كل هذا الخضوع، لم يأت بنتيجة.
مقتل الوزير، واهانته -رحمه الله- بالضرب، تحطيم لبنية السلطة الوطنية، وهيبتها، وتأثيرها، ولكل مشروعها، والذي يريد ان يخفف من الحادثة ويقول لنا، ان هذه هي افعال اسرائيل المعتادة، عليه ان يتذكر هنا، ان المطابقات غير قائمة.
مطارق اسرائيل تنهال على نواب حماس، مثلما تنهال على رجالات السلطة، حين يواجهونها، وكأنها ايضا تحرق سمعة الناجين من بقية المسؤولين، باعتبار ان نجاتهم مدفوعة الثمن مسبقا.
ليخبرنا الرئيس ما الذي سيفعله؟!، غير الزعيق والوعيد، وانتظار نتائج لجان التحقيق التي تشهر الخيبة الكبرى في هذه الحياة المهينة بكل المعاني، ولن يفعل الرئيس شيئا؛ لانه يعرف ان سيارات موكبه لاتتحرك من رام الله الى البيرة، الا بإذنٍ اسرائيلي مسبق.
وليعذرنا الجميع!.