مع تخطيط الرئيس التركي طيب رجب أردوغان لتعيين طاقم جديد من المحللين وكبار الموظفين لخدمته، يدور السؤال في تركيا عن مستقبل العلاقة بين رئيس الحكومة، ورئيس الدولة الذي لم يترك بعد لرئيس حكومته فرصة الحضور السياسي أو الظهور بالشكل الذي يجب أن يكون عليه الاكاديمي ووزير الخارجية المخضرم أحمد داود أوغلو.
أردوغان يكاد ينهي تشكيل طاقم الرئاسة للخدمة في القصر الرئاسي الفخم، وبحسب تسريبات إعلامية تركية فإن الطاقم سيضم سبعة مستشارين سياسيين يتولى كل منهم حقيبة معينه، منهم من هو معني بالاتصال بالمنظمات الدولية ومنهم ناطق إعلامي لشؤون الرئاسة ومنهم مسؤول التواصل بين مؤسسات الدولة ومسؤول للشؤون المالية ومسؤول العلاقات الخارجية.
هذا التشكيل الذي سيرافقه تعيين عددً كبير من السكرتاريا سيزيد عدد العاملين بالقصر الجمهوري بشكل كبير، وسيحيل القصر إلى حكومة ظل، في الوقت الذي لم يظهر به رئيس الحكومة الجديدة بأي دور فاعل باستثناء بعض المواقف المحدودة ومنها ازمة الرهائن الأتراك في الموصل، وغير ذلك من التصريحات الشحيحية التي لا تعبر عن شخصية الاكاديمي الجسور أحمد داود أغلوا والذي اسهم بشكل كبيرفي رسم سياسات حزب اردوغان طيلة السنوات العشر الماضية.
أردوغان لا يقتنع بدوره كرئيس دولة وحسب، وهو يشابه دور الرئيس الروسي بوتين في إدارته للدولة، فحين كان رئيسا للوزراء لم يدع مجالا لرئيس الجمهورية للظهور بأي دور ، وحين صار رئيسا للجمهورية اتجه إلى تهميش رئيس الحكومة على غرار تجربة «بوتين - ميدفيف».
هكذا ينظر الأتراك ايضا وخصوم أردوغان أيضاً، فهم يعتقدون أن ترقية أوغلو لرئيس حكومة هو بمثابة طرد للأعلى كي يحدّ أردوغان من شعبية ودور أوغلو السياسي، وهو الدور الذي ظهر ضعيفا منذ شكل الأخير حكومته وكانت أشبه بتعديل وزاري وليس حكومة جديدة.
فهل يُدفع أوغلو للاستقالة في ظل حصار أردوغان له ولحكومته؟ أم أنه بانتظار إجراء تعديل وزاري موسع يتيح له ولحكومته دوراً أفضل كي تثبّت حضورها في ظل معادلة سياسية داخلية وخارجية ليست بالسهلة على تركيا،التي تواجه انتقادات شديدة على ادوارها السياسية في المنطقة، وهل يسمح أردوغان لأوغلو بذلك التعديل المنتظر حسب ما أطلعني عليه مصدر مطلع في تركيا؟
فاين سيكون التعديل الحكومي المنتظر؟ ذات المصدر يشير إلى وزارة الخارجية التي جيء إليها عندما شكل أوغلوا حكومته بوزير لا يملك الحضور، ولا القدرة على افتعال الدور السياسي، لذلك من المرجح أن يأتي إليها أغلوا بشخصية ذات طابع امني ليرد الحصار على الرئيس بشخصية محسوبة على الجيش أو المخابرات. وهو ما يمنح أوغلو قوة جديدة تتيح له التحرك بصورة أفضل في الملفات الإقليمية التي جوهرها الطابع الأمني سواء مع العراق أو سوريا أو مكافحة الارهاب المتهمة تركيا بالتغاضي عن وصول المجاهدين الأجانب إلى العراق وسوريا عبر أراضيها.
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية كانت علقت على اختيار وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو لرئاسة الحكومة التركية بعد فوز رجب طيب أردوغان برئاسة الجمهورية، بأن»ذلك الاختيار يمدد لأردوغان خمس سنوات أخرى في حكمه لتركيا بعد 12 سنة»، وبالفعل يحقق أردوغان اليوم ذلك التوقع بالتدخل بكل صغيرة وكبيرة والظهور المكثف في الإعلام ومحاصرة رئيس حكومته وتهميش دوره فهل يستقيل أوغلو أم يجدد في حكومته بما يعطيه دوراً افضل وحضوراً يناسب قدراته وخبراته.