هناك ادمان اميركي على «العقوبات» في سياسة واشنطن الخارجية. وهذا الادمان قد يكون مختلفا فتفرضه على روسيا بسبب قضية اوكرانيا والوحدة الاوروبية والاطلسي.. ولكن هناك عقوبات عمرها اكثر من ربع قرن، حضرت احداها هذا الاسبوع باعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا.. ووقفت في آخر العقبة باستعمال الفيتو او عدم استعماله في ماراثون العداء للشعب الفلسطيني! وعقوبته سابقة حتى لعقوبات كوبا والاتحاد السوفياتي والصين وكوريا الشمالية، وفيتنام!
.. في الصراع الغربي - السوفياتي كان لواشنطن مبرر الوصول الى حافة الحرب، حين اكتشف الاميركيون ان كوبا قبلت بقواعد الصواريخ السوفياتية حاملة القنابل النووية على ارضها البعيدة تسعين كيلومترا عن الاراضي الاميركية. وقتها كان الداهية خروتشوف يريد اختبار رئيس اميركي جديد عمره 41 عاما اسمه جون كيندي. فرفض قراره بفرض حظر بحري وجوي على كوبا.. وايعازا للاتحاد السوفياتي بسحب صواريخه من الجزيرة. ووقف العالم وقتها على رؤوس اصابعه واستجاب للموقف الاميركي الحاد وسحب صواريخه من كوبا، لكن الخبر الذي بقي سرا.. ربما الى الآن، وهو خبر سحب الصواريخ البعيدة المدى الاميركية من تركيا!
وقتها أعلن الرفيق كاسترو شيوعية نظامه وبدأ يتدخل في افريقيا بتقديم المعونة للقوى الثورية فيها.. في اميركا الوسطى. وقتها بدأت حرب العقوبات الاميركية على كوبا.. واستمرت حتى الآن. فاعادة العلاقات لا تعني رفع العقوبات اوتوماتيكيا.. ولكنها في الطريق الى ذلك!
لقد اعتبرنا قرار الرئيس اوباما باعادة العلاقات مع كوبا، بمثابة انهاء نمط من ادمان العقوبات في السياسة الاميركية. فمهما كانت الأسباب فان العقوبات لا تطال الانظمة والسياسيين بقدر ما تطال ملايين الناس.. وهي العقوبة الجماعية المحرمة في القوانين الانسانية، وشرعة حقوق الانسان.
.. بقي ان تفهم واشنطن ان عقوبتها للشعب الفلسطيني في ارتهانها الاعمى للسياسات العنصرية التوسعية الصهيونية، وعقوباتها المستمرة للعرب، هي اسوأ السلوك في عالم متحضر، ودولة تزعم انها ملزمة بحقوق الانسان، وبميثاق الامم المتحدة، وبمعاهدات جنيف، وحرية التجارة وغيرها. فالاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين واستعباد شعبها لا يجب ان يكون مقبولا في اميركا.. واللوبي اليهودي الذي يخرّب في منظومة القيم والاخلاق السياسية الاميركية، يجب كشفه للرأي العام الاميركي.. ولعل الرئيس اوباما هو الأقدر على هذه الخطوة.. لأنه لم يعد هناك مبررا للخشية من اللوبي!