إذا سارت أمور المصالحة المصرية القطرية سيراً حسناً ووصلت إلى نهايات حقيقية وعادت الأمور إلى ما كانت عليه من علاقات مثلما كان الأمر في فترة حكم الرئيس الأُخواني محمد مرسي، فان الأمر سيتجاوز كونها مصالحة إلى ما يمكن وصفه بإعادة رسم شكل تحالفات ومحاور المنطقة.
ولعلنا جميعا ندرك أن القيادة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين عندما قدمت هذه المبادرة الإيجابية فانها لا تبحث عن مصالحة شكلية بين مصر وقطر، بل عن تغيير حقيقي في معادلات محاور وتحالفات المنطقة لمصلحة استقرار الحالة العربية، واعطائها القدرة على توحيد أجندتها وأولوياتها، بل وتوحيد دوائر الخصوم أو القضايا، لأن المراحل السابقة حملت تناقضات بين بعض الدول وعمليات استهداف داخل معسكر المنطقة العربية.
المبادرة السعودية تتجاوز في أهدافها اجراء مصالحة مثل كثير من المصالحات تخلو من المضمون، بل هدفها دعم استقرار مصر وهي ذات الرؤية التي تحدث بها جلالة الملك اكثر من مرة وآخرها في واشنطن عن ضرورة دعم استقرار مصر والوقوف معها في مواجهة الارهاب والتطرف وعمليات الاستهداف المنهجي لأمنها ومؤسساتها وجيشها، وهذا يحتاج إلى تجفيف منابع الخلاف مع كل الأطراف وتحديدا العربية ومع قطر بشكل خاص حيث وصلت العلاقات بين البلدين خلال العشرين شهرا الأخيرة إلى أدنى المستويات.
ويسجل ايضاً للقيادة القطرية إيجابياتها العالية سواء في تسريع المصالحة مع السعودية، واستجابتها للمصالحة مع مصر، وننتظر منها ومن مصر التفاهم على كل نقاط الخلاف سواء ملف الأخوان أو حماس أو قضايا إعلامية إلى آخر الملف.
وإذا ما نجحت الوساطة والمبادرة السعودية الكريمة وتم إعادة هيكلة تحالفات المنطقة، فإنّ هذا قد يفتح الباب لايجاد أرضية للتفاهم على مسار سياسي للأزمة السورية قد يساهم في حلها أو على الأقل فتح باب الحل.
كل دول المنطقة تحتاج إلى حالة هدنة أو تصالح مع بعضها البعض، فلكل دولة قائمة مشكلات وتحديات، والنفوذ الذي قد يعتقد البعض أنه حصل عليه من بعض المعارك ليس أكثر من نفوذ آني وشكلي، فلكل دولة مناطق ضعف يمكن الوصول إليها.
كما كانت خطوة الأشقاء في السعودية كبيرة في دعم مصر في إعادتها لمسارها العربي فإن المبادرة السعودية للمصالحة خطوة أخرى لترتيب أوراق المنطقة ودعم مصر، وكلنا نتمنى لهذه المصالحة أن تقوم على أسس عملية تمنع تحولها إلى حالة مؤقتة.