في زمنين متقاربين لاتبعد بينهما المسافة بضعة أيام يحتفل المسيحيون ويحتفل المسلمون, بميلادين, لرسولين عظيمين, فيهما معجزة الخلق ومعجزة الخالق.
تتكامل فيهما الرسالات، فالرسل, اصطفاء من الله وبيوتهم مستودع الذخيرة للبشرية, وكما تروى الأرض العطشى بمياه المطر الطهور,تروى الأنفس,ويعدل مسار البشرية,ويصلح الفساد وتعود للنفس طهرها, وللأمم استمراريتها,وللسلوك البشري قوامه.
رسالة سيدنا عيسى عليه السلام,ليقول لنا القرآن الكريم هذه هي المرأة الطاهرة النقية, التي تسمى سورة من القران باسمها, وليقول لنا أن الخدمة لبيت الله لا تقتصر على الرجال وإنما تكون أيضا من خلال النساء بالرغم من ملاحظة امرأة عمران التي قالت (وليس الذكر كالأنثى).
وهذا ليس كما يفهمه البعض تمييزا بين الرجل والمرأة, وإنما لصلاحية العمل للمهنة المطلوبة, والتي أرادها الله أن تكون من خلال امرأة, معجزة الخلق والخالق تجلت في سيدنا المسيح, والذي أخذ هذه الصفة.
من كونه كان يمسح على المرضى فيحيل مرضهم شفاءً بإذن الله وجاء ممسوحا من الذنوب, جاهزا من كل مايرافق الأطفال, وجه يشع بالنور لأنه خلق غير عادي, نحتفل اليوم بعيد ميلاده, ونذكر فساد بني إسرائيل الذي جاء ليقوم اعوجاجه، ونتذكر مكان العبادة التي كانت تقيم فيه والدته, والذي يأبى اليهود إلا إن يطمسوا معالمه في محاولاتهم المتكررة, ومع أن العيد فرح وابتسامة إلا أنه كذلك ليس عصيانا وأغاني بقدر ما هو شكر لله على نعمة الخلق وتذكيرا بمعجزة الخالق, وتستمر السنين, لتعود البشرية أيضا مضخمة.
بإدرانٍ توالت,وحقب أظلمت، فيكون مولد الرسول الخاتم إعادة الاتصال بين الأرض والسماء,ومنهجا للبشرية يصلح به حالهم في الدنيا والآخرة، وتذكيرا برسالات الأنبياء كلهم لا نفرق بين احد منهم,فالمصدر واحد، والدين واحد, والشرائع متعددة، واختلاف العقائد هو سنة كونية كما هو اختلاف الألوان والصفات والألسنة والمنشأ والمكان, ثنائيات الكون لاتمنع تكاملها، والتنوع لايعني القطيعة, ورسالة الإسلام ليست رحمة للمسلمين هي رحمة للعالمين,والله رب العالمين وليس رب جنس أو أمة واحدة, والتعددية تكون في إطار وحدة الأمة,
والناس صنفان كما قال الإمام علي بن أبي طالب اما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق والإنسانية, هذه أيام طيبة ومباركة,فيها أعظم لحظات البشرية وأكثرها ديمومة ونقاء,فيها ميلاد عيسى عليه السلام، وميلاد محمد صلى الله عليه وسلم,
فلنجعل من هاتين المناسبتين الكريمتين مدخلا أكبر للتعاون والتفاهم والالتقاء في مواجهة الانحراف والإلحاد والفساد والطغيان وظلم الناس, وحفظ حقوقهم التي نادت بها شرائعنا, ومع أن التدافع سنة كونية لإحقاق الحق, فلا بد أن نفرق فيه بين ظلم دول,وتسلط سياسات أمم,او نخب حكومات جائرة في الغرب او الشرق,
وبين جيرة ومواطنة عاش الناس في ظلالها ولا يزالون مئات السنين، يحترمون بعضهم، ويجاملون في مناسباتهم, هذا يذهب إلى مسجده,وهذا يذهب إلى كنيسته
والله سبحانه وتعالى هو الهدف، وهو الذي يفصل بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون.