القدس - الكاشف نيوز : كشف تحقيق صحفي أجرته صحيفة "هآرتس" النقاب عن مساعدة قدمها مستشار وزير الجيش الإسرائيلي، موشيه يعالون، لعضو نافذ في حزب الليكود سعى من خلالها لتنفيذ "صفقة شراء" للاستيلاء على مئات الدونمات من الاراضي في الضفة الغربية والحصول على التصاريح اللازمة للقيام بمشاريع بناء عليها.
وذكرت الصحيفة أن مساحات الأراضي المذكورة تقع تحديداً قرب مستوطنة "تل تصيون" التي يسكنها مستوطنون متطرفون، قرب رام الله.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الجيش الأسبق والنائب الحالي عن حزب كاديما، شاؤول موفاز، كان قد اضطلع في حينه بدور في هذه القضية عندما كان يتولى منصب وزير الجيش.
أما الشخص المعني بإنجاز الصفقة فيدعى موتي كوغيل الذي كان قد قدم إلى إسرائيل قبل نحو عشرين سنة بعد تورطه في قضية احتيال في الولايات المتحدة ثم أدانته محكمة إسرائيلية في قضية تزوير جواز سفر وانتحال هوية شخص آخر.
ويعتبر كوغيل اليوم أحد أعضاء حزب الليكود الأكثر تأثيرا بين أعضاء الحزب في القدس، ويعمل إلى جانبه نحو 100 عضو آخرين يمثلون قوة سياسية داخل مركز الليكود.
وادعى كوغيل أنه يملك 1600 دونما اشتراها عام 2001 وهي تخص مئات المواطنين الفلسطينيين من قرية كفر عقب وتقع على الحدود البلدية بين مدينة القدس ومستوطنة "تال تصيون".
وقال كوغيل في مقابلة صحفية معه عام 2011 "إنه يحلم بإقامة مدينة يهودية جديدة بالقرب من القدس. ويدعي كوغيل أنه قام بشراء مئات الدونمات من فلسطينيين بواسطة شخص يدعى ر.ب من مدينة أريحا".
وبحسب الطريقة التي عمل بها كوغيل، فقد قام "ر.ب" بشراء كل دونم مقابل ألف-ألفي دولار لكل دونم. وبحسب "ر.ب" فقد قام بأخذ توقيعات أصحاب الأراضي على اتفاقية البيع لدى المحامي أبراهام مطلون، الذي توفي في تلك الفترة.
وقام كوغيل بنقل نحو مليون حتى مليوني دولار لـ مقابل الأراضي التي اشتراها. ويدعي كوغيل أن لديه وثائق تثبت قانونية عملية البيع والشراء والدفعات إلا أنه لم يقم إلى الآن بعرضها أمام المحكمة.
وتشير المعلومات أن جميع الأسماء التي وردت في عمليات بيع الأراضي كانوا متورطين في السابق بعمليات تزييف أو أنهم من ذوي السوابق الجنائية.
وكان أبراهام مطلون قد اعترف في السابق بالتوقيع على مستند توكيل مزيف، أما "ر.ب" وهو من سكان أريحا فعمل في السابق كجاسوس مع قوات الاحتلال الإسرائيلية وحكم عليه بالسجن عام 2004 بتهمة التزييف. أما المحامي مطلون فكان قد اعترف في السابق بتزييف مستندات تخص أراض تابعة "لسلطة الإدارة المدنية" في الضفة الغربية.
أما الأراضي التي يدعي كوغيل أنه قام بشرائها فليس لها أي مكانة قانونية واضحة وأن ملكية الأرض لم تكن مسجلة في الطابو.
وكانت السلطات الأردنية قد بدأت عملية تسجيل الأراضي في القرية ووضعت مستندا يشير إلى أصحاب الأراضي وحقوقهم فيها، إلا أن العملية لم تستكمل بسبب احتلال إسرائيلي للضفة الغربية عام 1967.
ومن أجل استكمال تسجيل الأراضي كان على كوغيل التوجه إلى "لجنة التسجيل الأول"- لجنة شبه قانونية في "الإدارة المدنية"، وكان عليه تقديم أوراق شراء الأرض والمستندات من أجل الحصول على التسجيل النهائي.
لكن على ضوء الطرق الالتفافية التي استخدمها لإجراء الصفقات، كانت احتمالات حصول كوغيل على التسجيل النهائي قريبة من الصفر. وبدلا من البحث عن حل قانوني لذلك واصل كوغيل البحث عن طرق التفافية وذلك من خلال استخدام نفوذه لدى سياسيين في إسرائيل وخاصة في حزب الليكود.
واقترح كوغيل على اسرائيل القيام بـ "صفقة التفافية" وذلك من خلال "إعلان الدولة عن الأراضي كأملاك يهودية "أملاك دولة"، ومن ثم تخصيصها للمشتري".
وحاول كوغيل القيام بهذه الخطوة لمنحه الأرض بدون مناقصة من أجل بناء شقق سكنية. وبهذه الطريقة أيضًا تم بناء وتوسيع عدة مستوطنات في الضفة الغربية من بينها "موديعين عيليت" و"حشمونئيم"، إلا أن الادعاء العسكري للجيش الإسرائيلي أقر بعدم قانونية هذه الخطوة مطلع سنوات التسعينيات ومنع كوغيل من القيام بخطوة بنفس الاتجاه.
وتوجه كوغيل عام 2002 لضابط كبير في "الإدارة المدنية" لتلقي المساعدة منه، إلا أن الضابط طرد من "الإدارة المدنية" بعد تقديم لائحة اتهام ضده بتهمة تلقي الرشاوى. وفي عام 2003 تلقى كوغيل جوابا من "الإدارة المدنية" مفاده أن "عملية شراء الأرض تنطوي عن مشاكل كثيرة، وبالتالي لا يمكن تسجيل الأرض".
وتوجه كوغيل عام 2003 مرة أخرى لرئيس الإدارة المدنية الذي دعم مطالب كوغيل إلا أنه طلب منه موافقة وزير الجيش الإسرائيلي، شاؤول موفاز على ذلك في تلك الفترة.
وكان موفاز في تلك الأيام يطمح للمنافسة على رئاسة حزب الليكود. وطالب كوغيل لقاء موفاز، ولم تنجح الخطة في النهائية للخروج إلى حيز التنفيذ وذلك لأن أريئيل شارون قرر في تلك الفترة مغادرة حزب الليكود وإقامة حزب جديد وهو حزب "كاديما"، وعندما فهم موفاز أن احتمالات فوزه ضئيلة قرر هو الآخر الانتقال لحزب كاديما.
وبحسب المعلومات حاول موفاز قبل انتقاله لكاديما دفع مخططات لتوسيع مستوطنة "تال تصيون"، وحتى أن موفاز التقى جهات رسمية وأمر رؤساء الإدارة المدنية بالإعلان عن تلك الأراضي "كأراض دولة" في محاولة لمساعدة كوغيل. إلا أن انتخابات 2006 جعلت موفاز يهمل الأمر بعد أن ترك منصبه في وزارة الجيش الإسرائيلية. وبعد ذلك حاول كوغيل الحصول على خدمات أشخاص عملوا في السابق في "الإدارة المدنية" من أجل دفع مخططاته إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل.
وفي عام 2009 طرأت تغييرات في القضية وذلك بعد أن بدأ مستوطنون بعمليات بناء غير قانونية على جزء من أراضي المواطنين الفلسطينيين في المنطقة، حيث قامت منظمة "يش دين" بتقديم طلب للمحكمة العليا بهدم المباني التي شيدها المستوطنون. وبعد فحص ملكيات الأراضي في المنطقة المذكورة أعلنت "الدولة أن 200 دونما من بين 1600 دونم هي أراضي دولة". وكانت هذه بمثابة فرصة جديدة لكوغيل من أجل وضع يده على الأرض.
وبدأ كوغيل يعمل في اتجاهين الأول يخص الجانب الإداري حيث قدم التماسا ضد "قرار الدولة" بدعوى أن الأرض هي بملكيته، أما على المستوى السياسي فتوجه كوغيل لوزير الجيش يعالون وطلب منه مساعدته.
والتقى كوغيل مع مستشار يعالون لشؤون الاستيطان، غلعاد ألطمان، ومع مستشارين قانونيين لوزارة الجيش. وبحسب ملخص الجلسة وعد ألطمان كوغيل أنه رغم التقارير القانونية، فسيتم نقل الأراضي التي لم يتم تثبيت ملكيتها للفلسطينيين له، على أن تقوم "الإدارة المدنية" بتحديد المبلغ المطلوب لإدارة هذه الأراضي ومنحه تصريحا بتخطيط وبناء شقق سكنية، إلا أن الإدارة عارضت هذا التلخيص ومنعت دفعه وخروجه لحيز التنفيذ في نهاية الأمر. وتقدمت منظمة "يش دين" هي الأخرى بالتماس ضد "الإدارة المدنية"، فيما لا تزال المحكمة العليا تنظر في الالتماسات المقدمة لها.