منذ نيف واربعة عشر قرناً من الزمن كان المجتمع الإنساني يعاني دوراً من أدوار الوهن والانحلال... وهناً في العقيدة... وإمعاناً في العداء... وشغفاً بالحروب والغارات... كان مجتمعاً يسير نحو هاوية من الدمار لا يستقر لها قرار... كانت الأرض كل الأرض.... تمور بعوامل الشر وغوائل الأنانية وإذا نظرت إلى العقيدة رأيت سُبّة العقل وسخرية الفكر رأيتهم ينحتون من الصخور آلههً تُعبد... ومن التمور هياكل... تمرغ عندها الجباة... وتأكل....
فهل يترك الله المجتمع بهذه الصورة المزرية... والجواب لا يحتاج لأخذ ورد... أو نفي وإثبات... مجتمع كهذا لا بد له من قائد فذ ومنقذ عظيم.... يمسك زمام القافلة الشاردة ويوجه مسيرة البشرية الضالة... ومن سيكون هذا القائد غير محمد صلى الله عليه وسلم... كان ذلك في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل... حيث انشق الزمن عن أكرم درة في جبين الدهر وأكرم لؤلؤة زينت وجه الوجود البشري كله... حيث انجبت آمنة بنت وهب إلى هذه الأرض أعظم شخصية تطأ الثرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها....
ولد القائد الذي سيغرس راية الله خفاقة فوق كل ربوة... ولد القائد وأمامه أمانة ثقيلة ومسؤوليات جسام... من الذي سيحرر البشرية كلها من وثنية الضمير وضياع المصير ؟... من للضمير الأنساني يضيء طريقه بحقيقة التوحيد... ويزيل منه إلى الأبد وثنية القرون ؟ من لكتائب الحق يقودها تطوي العالم القديم بإيمانها وتزحم جو السماء برايات الحقيقة الجديدة... والتوحيد المطلق... من للحق يُعلن كلماته صريحة مدوية مجلجلة في عنان السماء... من للعالم يبنيه على تعاليم الله وكتاب الله... يتألق عظمة ويتفوق اقتداراً... من للحضارة الأنسانية يستشرف لها مطالع جديدة ويدفعها خطوات واثقة إلى الأمام...من للأستاذية يرتقي منصتها ليعلن من فوقها في استاذية عجيبة خارقة أروع وأنبل وأكرم ما عرفت البشرية في تاريخها الطويل من المبادىء والقيم...
لهذا وتلك ولكل الأمانات الثقيلة والمسؤوليات الجسام كان ميلادكم سيدي يا رسول الله....
فمهما تبارت القرائح والأفهام... والكتب والأقلام متحدثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... عازفة أناشيد العظمة في شخصه الكريم... ستظل جميعاً مكانها كأن لم تحرك بالقول لسانها.. وما هو الإ بنان توميء على استحياء إلى بعض سمات التفوق... والعظمة في محمد صلى الله عليه وسلم... هذه العظمة التي جذبت نحوه في ولاء لا نظير له سادة قومه... وضعفاء قومه... وجعلت منهم رسلاً إلى كل بقاع الأنسان ومواطنه حاملة مبادىء الدعوة... وعبير الداعي... نور الرسالة ورحمة الرسول.. صدق التعاليم وعظمة المعلم 0
فعلينا إذا اردنا أن نحتفل بهذه الذكرى أن نبصر شعاعاً من ضيائه الغامر... وأن نقتفي آثاره... ونسير على نهجه... وأن نبصر بعض سمات العظمة النادرة التي نادت إليه ولاء المؤمنين.. ولاء لا نظير له عبر القرون وجعلتهم يرون فيه الهدف ,,,, والطريق... والمعلم.... والصديق... والقدوة الحسنة... فكان دين الإسلام... الذي سيبقى النور والهداية 0
وارجو الله في هذه الأيام العصيبة أن يبدّل خوفنا آمناً ويرفع راية النصر للإسلام خفاقة لنرجع من جديد نحتل مكاننا المرموق تحت الشمس
« كنتم خير أمةٍ أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» صدق الله العظيم