أخر الأخبار
الملك في مظاهرة باريس : الضرورة والدلالة
الملك في مظاهرة باريس : الضرورة والدلالة

إذا غاب الملك عبد الله الثاني عن مظاهرة باريس المناهضة للإرهاب فمن يحضر إذن ؟
 بهذا السؤال التقريري نقرأ مشاركة الملك بتظاهرة باريس بأبعادها الرئيسة الثلاثة: الإسلامية والإنسانية والقومية، فلا يعقل أن يشارك زعيم الدولة الإرهابية “ إسرائيل “ في التظاهرة ويغيب سبط الرسول هادي البشرية والمبعوث رحمة للعالمين، ومعنى “العالمين”: كل ما دون الله عزّ وجل.
 وحضور الملك سيكسر الدائرة المظلمة التي يسعى اليمين في العالم إلى إدخال الإسلام والمسلمين فيها وسيغلق الدائرة المفتوحة عند كثيرين حول ارتباط الإسلام بالإرهاب والتطرف دون ان نغفل ان الملك هو الزعيم العالمي الوحيد الذي أدان التطرف والإرهاب في الأديان السماوية كلها .
بالبعد الإسلامي فإن الملك هو رمز الشرعية الدينية وهو حاضن وراعِ رسالة عمان التي اعترفت بها كل المذاهب الإسلامية بوصفها اول مشروع اسلامي نهضوي حديث لمواجهة التطرف والتفرقة بين الفرق الإسلامية , وصراع المذاهب والفرق هو أول مدخل للتطرف والإرهاب وانتفاء قبول الآخر داخل الدِّين الواحد فكيف بقبول اتباع الديانات الأخرى ومعنى مشاركة كل المذاهب الإسلامية في عمان ورسالتها كبير الدلالة لأنها حسمت شرعية الملك الدينية التي أقرتها المذاهب الإسلامية كلها عبر مشاركتها في عمان وإطلاق الرسالة منها الى العالم اجمع , وبيقين نقول لا تستطيع أي عاصمة احتضان المذاهب غير عمان وتحت راية الملك الهاشمي .
بالبعد الانساني فإن قيمة الأردن في المنطقة والعالم هي نتاج اعتداله وانفتاحه على العالم وهذه القيمة أعلى شأنها الملك عبد الله كما لم يُعلها أحدٌ , فمنذ اللحظة الاولى في الحرب على الارهاب خاض الأردن معركته ضده دون هوادة ودون تأتأة ودون التواء او مواربة , وساهمت طبيعة التركيبة الأردنية في تقديم نموذج وطني غير مسبوق في الإقليم كله , فالتكوينات المجتمعية الدينية حاضرة ببهاء في عمان كما التركيبة الاثنية والقومية  , فلا أحد يمايز في الاردن بين المسيحي والمسلم والعربي والكردي والشركسي والشيشاني والسني والشيعي – بالمناسبة ثمة وجود شيعي في الأردن منذ مئات السنين – ولم يقرأ أحد حتى اللحظة ان الاردن -على صِغر حجمه- حاضنة لكل الهويات القطرية العربية وغير العربية، فكيف لبلد توحَّدت مكوناته تحت راية الثورة العربية الكبرى وشرعية قيادته الدينية ان يغيب عن هذه المشاركة الكونية الواسعة .
أما في البعد القومي فإن كثيرين ينسون أن حوالي 20% من المجتمع الفرنسي هم من العرب والمسلمين , وبالتالي فإن وجودهم بات موضع قلق , والعملية الارهابية انعكست سلبا على وجودهم الآمن ومن يتابع تعليقاتهم وردود افعالهم على مشاركة الملك في التظاهرة سيدرك مدى ضرورة المشاركة وفائدتها عليهم وعلى وجودهم ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا كلها , فالملك هو الرمزية الإسلامية المقبولة سنيّا وشيعيا كحفيد للنبي العربي الأمين -عليه أفضل الصلوات والتسليم-، فقد وضع الملك بمشاركته في ايديهم اسلحة للدفاع عن انفسهم وعن وجودهم الحيوي والموضوعي في أوروبا كلها وليس في فرنسا وهذا بُعد يدركه الملك بوعيه القومي والانساني والإسلامي وبمسؤوليته القومية والإسلامية .
مشاركة الملك في تظاهرة فرنسا بعد موقفها المُقدر في مجلس الأمن وتصويتها لصالح القضية الفلسطينية على ملاحظاتنا على المشروع خطوة ضرورية لتعميق التغير في الموقف الفرنسي حيال القضية الفلسطينية التي يعتبرها الأردن قضية داخلية لانعكاساتها الكبيرة على الأردن وهي رسالة اردنية للعالم بضرورة اسناد الأردن في حربه على الإرهاب، هذه الحرب التي خاضها الأردن وحيدا في فترة طويلة وحذّر منها كثيرا قبل أن يدرك العالم والإقليم صدق تحذيراته وحصافة رؤيته , المشاركة بكل أبعادها ضرورة وسترفع شأن الأردن وتمنح مواقفه صلابة وصدقا على صدقيتها وعلينا أن نكون فخورين بالمشاركة الملكية وليس فقط مؤيدين لها .