يفترض بعد مسيرة باريس التاريخية ضد الارهاب، وما حظيت به من تعاطف ومشاركة من قبل زعامات عالمية وفي مقدمتهم جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، ان يتكاتف العالم من اجل القضاء على الارهاب في كل بقاع الدنيا وليس في منطقة الشرق العربي فقط.
فالاصل بعد الحادث الاليم الذي تعرضت له الصحيفة الفرنسية «شارلي ايبدو» واوقع العديد من الضحايا، ان توجه اقلام العاملين فيها الى استنهاض الحراك العالمي السلمي لبث روح التسامح والتعاون لمحاصرة الارهاب وتجفيف ينابيعه ما دام الجميع يعمل في العلن من اجل السلم العالمي. وان تكون دماء الاعلاميين التي سالت في ذلك الحادث البشع عنوانا عريضا للعمل على التقريب بين الحضارات وليس دعوة لصب النفط على النار وتصعيد الصراع بينها.
اما ان ترد الصحيفة الفرنسية على ما تعرضت له بالاساءة مجددا الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يقل ارهابا عن ذلك الاعلام الذي تمتلكه التنظيمات الارهابية المتشددة والذي اتفق المسلمون قبل العالم كله، على انه لا دين لها، لان كل الديانات السماوية دعت الى الايمان بها بالحسنى وليس بالسلاح والدم.
فهذا السلوك الذي استفز مشاعر المسلمين في العالم، سخر الحبر لخدمة الارهاب الذي طلى نفسه بمثل تلك المبررات لتوسيع نشاطاته والتفكير بتقديم نفسه كدولة تقتل الابرياء بحجة اقامة حدود الله في الارض.
والاردنيون مسلمون ومسيحيون لديهم سبب اضافي في تمييز رفضهم لهذه الاساءة وهو ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم، جد مليكهم وان قيادتهم الهاشمية من نسل آل البيت الاطهار، وان اخلاقهم وثوابت تعاملهم مع العالم الخارجي انبثقت منها رسالة عمان التي انتشرت في اصقاع هذه المعمورة مثل النار بالهشيم، لسبب بسيط، انها قدمت الاسلام على حقيقته كدين اساسه الحوار مع الآخر والتعايش السلمي معه، واخلاقه التسامح ومساعدة الاخر على العيش الكريم.
والاساءة الجديدة من قبل الصحيفة الفرنسية الى سيد الانبياء محمد صلوات الله عليه ما هي الا بمثابة دعوة لمزيد من الارهاب، وعدم احترام لزعماء العالم والعرب خاصة ورسالتهم في دحر الثقافة العمياء ولدعوة العالم الى مزيد من التعاون والتكاتف لمحاربة الارهاب ومحاصرته والقضاء عليه.
السلوك السادي للصحيفة الفرنسية المغمورة لا نستطيع ان نفسره الا ان ادارة الصحيفة داست على كل القيم الديمقراطية وادبيات النشر الاعلامي من اجل مزيد من الشهرة والانتشار، او انها قررت الدخول في حلف التطرف والارهاب من اجل مزيد من القتل والدمار وتوسيع رقعته في هذا العالم، واستقطابه الى فرنسا واوروبا لابادة ثمار جسر الحوار بين الشرق والغرب، ومنع تقارب الحضارات التي نجحت فيه كل القوى المحبة للسلام في هذا العالم بعد احداث 11 ايلول تحديدا.
والاساءة الى رمز ديني يتبعه اكثر من مليار ونصف المليار من البشر بسبب عمل اجرامي نفذه عدد لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة لاهداف ظاهرها الانتقام وباطنها لم تنضج نتائجها بعد، عمل لا علاقة له بالديمقراطية، وانما هو اساءة مباشرة للدين الاسلامي وانتهاك صريح لكل المواثيق الدولية التي يجب ان يتحرك الاوصياء على تنفيذها لوقف هذه الصحيفة وجنونها الذي لن يتبعه الا تعميق للكراهية وتعزيز الصراع الطائفي والمذهبي والعنصرية وبالتالي فقدان العالم لامنه واستقراره.
وامام هذا الاعتداء الصارخ على الاسلام والمسلمين، فعلى الحكومة الفرنسية التي دعت الى مسيرة باريس ان تعلن موقفها ازاء ما اعلنته الصحيفة التي تحمل جنسيتها وتصدر على ارضها ليس بالاغلاق او المنع وانما بالانفتاح على الشعب الفرنسي وحثه على نبذ الكراهية والتطاول على الاديان واحترام الاخرين لان في ذلك حماية لامنهم وفرصة لقطع الطريق على الارهابيين ومنعهم من الوصول الى اهدافهم الخفية،بتحويل هذا العالم الى كتلة من نار.
ما تمارسه صحيفة شارلي ايبدو ليس حرية للتعبير وانما تهديد للامن العالمي والفرنسي ولكل من يتعاطف معها قبل ان يكون مساسا لمشاعر المسلمين، وعند غياب القوانين التي تحمي قدسية الاديان، فبكل تأكيد سيكون الباب دائما مواربا لمزيد من العنف والارهاب.