كل مرة يتم مس الإسلام والمسلمين، يشتد الغضب العاطفي، ضد الدول أو الجهات التي آذت الإسلام، ولانسمع إلا عن المظاهرات والمسيرات، في كل مكان تعبيرا عن الغضب.
في ظلال الغضب، لاننسى هنا ان نذكر بأن الغضبة للنبي صلى الله عليه وسلم، والجزم بوجود عداء في العالم للمسلمين، لايعني ان نتناسى العلل التي فينا، ولايكفينا رجم الشيطان، ولا أي طرف اصطف ضدنا، لتكون هذه هي النهاية المناسبة.
إذا كنا نغار حقا على النبي، ونحبه، فالاولى ان يرتد هذا الحب على تصرفاتنا اليومية، فماذا نقول عن مخالفاتنا الدينية وفسادنا الاخلاقي وتفشي المظالم، وسوء المعاملات، وانفضاض اغلب الناس عن العبادات؟!.
لدى أكثرنا حكايات لا تعد ولاتحصى في هذا الصدد، وتبدو غيرتنا على مقام النبي مؤقتة، أو إذا كانت موجهة ضد الآخر الذي يمسنا، في الغرب أو غير الغرب، فقط، لكننا في ذات حياتنا، ننقلب عليه الف مرة في اليوم، وإلا بماذا نسمي كل هذه التجاوزات في حياتنا، فرديا وجماعيا؟!.
من المفترض هنا، ان يكون معيار الغضب لله واحدا، فلا يعقل ان نغضب لله، اذا كان المتجاوز غربيا، فيما نرتكب يوميا كل انواع الصغائر والكبائر في حياتنا؟!.
يقال كل هذا الكلام، ليس تقليلا من عاطفة احد، ولا من صدقية احد، لكن من اجل ان نتعلم الدرس مرة واحدة، إذ اننا نحن ذاتنا كأمة لسنا على ذات اخلاق وشخصية الذي نغضب لاجله، واي اساءات من هؤلاء، تتساوى معها اساءاتنا اليومية، بكل تصرفاتنا التي يراها الاخرون، من سوء معاملة وسوء اخلاق، وكذب وعصبية، وجريمة وسرقة حقوق.
ثم اننا في ظلال الغضب ايضا، نلمح اننا امة صوتية، فلا نؤازر النبي صلى الله عليه وسلم، الا بملايين المفردات واللايكات والمظاهرات، وكل هذا تعبير لايحفر على ارض الواقع، ولايترك اثراً، ونتذكر ان كل حملات المقاطعة السابقة ضد الدانمارك ودول اخرى، تم مس الاسلام والنبي فيها، حملات باءت بالفشل.
لدينا اليوم دعوات جديدة لمقاطعة الفرنسيين، والاغلب انها لن تنجح، لان لاروح جمعية تحكمنا، والنفاق سيد الموقف، واذا كانت قلة صادقة، ستقوم بمقاطعة منتجات وخدمات هذه الدولة او تلك، فعلى الارجح ان هذا الجهد سوف يتبدد، وسيضيع وسط ملايين الذين لايستمعون لدعوة مقاطعة واحدة، وهكذا لايتبقى من كل هذا الغضب، سوى ارشيف الكلام والصور.
مؤلم جدا، اننا لانتذكر اننا مسلمون، الا حين يعتدي علينا رسام فرنسي او دانماركي او قس اميركي، فيما بقية العام، نواصل خطنا المعتاد، ويخون اغلبنا العهود والوعود، ولاتأخذنا العاطفة والغضب الا في مناسبات ومواسم محددة، خصوصا، اذا كان الخصم غربيا.
....وبعضنا، ايضا، من خصوم النبي، بمعرفتهم او بغير معرفتهم.