لم يخرج نتنياهو عن التزامه بما أعلنه صراحة في كتابه « مكان تحت الشمس « وهو النظرية القائلة (مصائب قوم عند قوم فوائد)، لهذا قدّم لساسة وجنرالات إسرائيل النصيحة بأن يتربّصوا بأزمات العالم من أجل استثمارها وتوظيفها لصالح مغامرات سياسية أو عسكرية حتى لو كانت تلك الأزمات دموية ولها ضحايا بالآلاف .
من هنا جاء التوقيت المدروس بعناية استراتيجية لارتكاب مجازر في اكثر من موقع في العالم العربي ولا تخرج الغارة الأخيرة التي راح ضحيّتها ستة من اعضاء حزب الله عن هذا السياق، لكن ابرز ثلاث صحف اسرائيلية اجمعت على اختلاف الأساليب على ان رد حزب الله على هذه الغارة أمر محتم، وان كان هناك اختلاف فهو على توقيت الرد او الصّيغة التي يكون بها، واللافت للانتباه أن الغارة الإسرائيلية تزامنت مع حوار متلفز استغرق ثلاث ساعات أجرته قناة «الميادين» الفضائية مع الأمين العام لحزب الله، قال فيه إن أية حرب قادمة ستكون في العمق الإسرائيلي وبالتحديد ما بعد الجليل، لأن حروب اسرائيل السابقة كلها كانت على الأراضي المعتدى عليها .
بالطبع هناك ما يغري نتنياهو وانسجاما مع نظريته لاستثمار ظروف اقليمية اختلطت فيها الأوراق، وتضاربت المصالح فلم يعد حليف الأمس حليفا، كما أن الخصم ايضا جرى استبداله، اما الاولويات فقد انقلبت رأسا على عقب .
أما المفارقة التي استوقفت بعض المراقبين فهي أن نتنياهو كان قبل اسبوع يشارك في تشييع ضحايا الإرهاب في باريس متناسيا ومتجاهلا ملفه الشخصي في هذا الميدان، فإسرائيل بالنسبة اليه ولمن يشهرون «الفيتو» دفاعا عن ارهاب الدولة العبرية مدللة ومستثناة من كل الأعراف والقوانين !