مثيرة كل محاولات تسفيه مقاطعة الفرنسيين اقتصاديا، على خلفية الرسوم المسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فالذين يسفهون هذه المحاولات، هم ذاتهم الذين ينددون بقتل الرسَّامين، فتحتار إزاء الذي يريدونه تحديدا، ما داموا يغضبون في الحالتين؟!.
إذا كنا نندد بالقتل، لأنه يشوه سمعة الإسلام، ويضر المسلمين في العالم، ويصب لصالح اسرائيل وتقديمها لنسخة متوحشة عن المنطقة وأهلها، فإن الأصل أن يتم ترك مجالات سلمية للمعارضين، لهكذا رسوم، فحرية الرأي والتعبير، لا يمكن أن تكون حرية مهينة للآخرين كما يتم تصويرها وشرعنتها في أذهان كثيرين.
ما دمنا نتفق أن القتل جريمة، فإن كل الوسائل السلمية متاحة، من تشكيل اللوبيات الى المسيرات وصولا الى رفع دعاوى قضائية في فرنسا، ومقاطعة الفرنسيين اقتصاديا، احد هذه الحلول المتاحة، وهو حل سلمي، لا يسفك قطرة دم واحدة.
غريب رأي اولئك الذين لا يريدون سفك الدماء ونحن معهم في هذه الجزئية، لكنهم يقللون ايضاً من قيمة وأهمية أي خطوة أخرى، فما الذي يريدونه بالضبط، ما دام أنهم كل مرة يقللون من قيمة كل خطوة، ويسفهونها، ويرونها مجرد عبث في عبث؟!
معنى الكلام انهم يريدون أن تتم إهانتنا، ثم ندير خدنا الأيسر، او نتعامى عن الإهانة، ولا نقول حتى إن هذا الأمر مؤلم، وهذه مبالغة، تفترض فينا «دياثة» عز نظيرها.
مقاطعة الاقتصاد الفرنسي، خير من القتل وسفك الدم، والتقليل من قيمة مقاطعة الفرنسيين، مفهوم ربما من زاوية واحدة فقط، أي عدم قدرتنا الجمعية على تنفيذ حملة مقاطعة حقيقية، مقارنة بقصص الدنمارك السابقة، وحكايات أخرى، مرت علينا.
نريد أن تكون الصورة واضحة جيدة، فالعنف مدان، غير أن الوسائل السلمية، متاحة، والاصل ان نحث الجمهور عليها، أما تسفيه أي تحرك سلمي، بذات الطريقة التي نندد بها بأي تصرف اجرامي، فهذا يعني اختطاف الجمهور نحو منصة البلادة واللامبالاة في هذه الحياة، وهو اختطاف جائر، يتعمد تبريد وسائل ردات الفعل، بما في ذلك الوسائل السلمية المباحة والمتاحة والأكثر أخلاقية.
لأن فرنسا كلها لا تحتمل كلفة فعلة الرسَّامين، فإن معاقبة اقتصادها، قد لا تبدو عملا عادلا، لكننا من جهة اخرى، نذكر ونقول إن إهانة مليار مسلم، أمر غير عادل ايضا، لإرضاء نزعة الحرية لدى حفنة رسامين، مثلما لا يصح ايضا سحب جريمة ارتبكها اثنان، على مليار مسلم ايضا، ومعنى الكلام انهم يعممون الانطباع والموقف، وعلينا أن نعمم بالمقابل الانطباع والموقف، شريطة سلمية الخطوات، ورقيها، ومراعاتها لسمعة المسلمين، والإسلام أيضا.
... فإن عادوا عدنا!.