خلطت حركة حماس الاوراق الفلسطينية، ام اعادت ترتيب وضعها العربي والاقليمي بعد عملية القنيطرة التي راح ضحيتها جنرال ايراني ونجل الشهيد عماد مغنية وآخرون ؟ فالرسائل الحمساوية كانت على المستويين العسكري والسياسي وسبق ذلك تصريحات لرئيس المكتب السياسي خالد مشعل اثارت حفيظة مجلس المعارضة السوري ورئاسته المقيمة في اسطنبول، فالقائد العسكري لحركة حماس محمد الضيف بعث رسالة الى حزب الله وايران وكذلك فعل اسماعيل هنية ليكون الموقف الحمساوي واضحا بالعودة الى الحاضنة الايرانية التي سبق وان وجّه لها الضيف الشكر على دعمها للحركة في حرب غزة .
حماس فقدت الحاضنة السورية الايرانية بعد موقفها من الاحداث في سوريا بداية الربيع العربي وانحيازها الى التنظيم الدولي وقراراته على حساب حالتها الخاصة وتراثها في العلاقة مع سوريا التي وفرت لها الارضية اللازمة لكنها تعود الآن الى نفس الحاضنة بعد سلسلة نجاحات ايرانية على الارض العربية في اليمن وصمود النظام السوري وبقاء حزب الله بعافيته رغم تمزيق الارض السورية التي تشكل الشريان الحيوي للحزب، فما تحققه ايران على الارض العربية واحتمال وجود صفقة قريبة مع واشنطن يجعل من ايران حاضنة مضمونة على عكس التنظيم الدولي للجماعة الاخوانية الذي بدأ يتراجع اثره وتأثيره بخسارته مصر وتونس وخروجه من المشهد السوري بفقدانه حضور ما يسمى بالجيش الحر الذي أفل مع أفول الجماعة الاخوانية .
قبل الرسائل الحمساوية كان امين عام حزب الله حسن نصر الله قد فتح الباب لعودة حماس من خلال تصريحات على قناة الميادين، اعلن فيها تفهم الحزب وايران لموقف حماس من سوريا وتنحية هذا الملف مؤقتا واعدا ببذل جهد مع القيادة السورية لترطيب الاجواء للمصالحة مع حماس التي ابدت رغبتها بذلك، فالخطوة الاولى للمصالحة مع سوريا وقيادتها قد انطلقت وبقي بعض التفاصيل وكثير من العتب، فسوريا قيادة بحاجة الى دعم سياسي على وزن عودة حماس الى دمشق وتحقيق اختراق نوعي في جبهة الاخوان المسلمين ورمزها المقاوم على وجه الحصر وهو نصر ان تم فسيكون له اثر بارز على الارض السورية سياسيا وربما عسكريا، فالمخيمات الفلسطينية تحت ضغط المنظمات المتطرفة وبقاء حماس على الحياد عسكريا على المستوى التنظيمي، في تلك المخيمات اضعف باقي التكوينات الفلسطينية وجعل المخيمات ارضا محروقة للتنظيمات الارهابية .
حماس برسائلها خلطت الاوراق الفلسطينية بشكل واضح فهي بالرسائل تعلن انها جزء من منظومة الممانعة وليست جزءا من حكومة الوفاق الفلسطينية، وقد يتطور الامر اكثر من ذلك اذا ما قررت ايران الرد على اغتيال جنرالها وكذلك حزب الله؛ ما يعني ان قطاع غزة بات منطقة عسكرية ساخنة قد تنفتح جبهتها في اي وقت دون الغاء احتمالية ان توفر حركة حماس دعما لوجستيا لحلفها الجديد في الضفة الغربية، فايران وحزب الله يعلنان عن قرب الرد واسرائيل اخذت التهديدات على محمل الجد والغى جنرالاتها زياراتهم الى بروكسل وواشنطن رافعة درجة الاستعداد الى اعلى مؤشراته .
حماس برسائلها على جميع المستويات السياسية والعسكرية والداخل والخارج تبدي موقفا موحدا حيال ايران وحيال حزب الله وبالطبع حيال سوريا؛ ما يعني ان العلاقة مع قطر وتركيا باتت في مهب الريح وتحديدا تركيا، ويرفع من صدقية الاخبار التي تحدثت عن خروج قيادة حماس من قطر بعد التغير النوعي في الموقف القطري من الاخوان تقرّبا الى مصر والسعودية، ومن جهة اخرى فإن حماس تقدم ضمانات اضافية للقيادة المصرية التي ما زالت على موقف متشدد من حماس في قطاع غزة وتمارس تضييقا كبيرا عليها وتهدد وجودها في غزة، فالشعب الفلسطيني في غزة لن يسمح بدفع كلفة للتنظيم الولي على حساب العلاقة مع مصر .
حماس خلطت الاوراق واعادت ترتيب اوضاعها بضربة واحدة لكنها ما زالت تنتظر نتائج خطوتها عربيا واقليميا والاهم فلسطينيا وهي نتائج تحتاج الى وقت والسؤال عن مدى مقدرة حماس على الانتظار ؟