لا يمكن اليوم، استمرار مخاطبة الحوثيين باعتبارهم مجرد فصيل متمرد، وحسب، إذ ان اليمن بات تحت حكم الحوثيين، فعليا، حتى وان لم يعترف العالم بحكمهم حتى الآن.
غير ان حكم الحوثيين لليمن، يواجه تعقيدات كبيرة، والارجح ان عواصم عربية وعالمية، ستسعى بكل قوتها، لزيادة هذه التعقيدات في وجه الحوثيين، بدلا من التورط بحرب مباشرة ضد الحوثيين، او الدخول كطرف ميداني في الصراع.
هذا يعني ان الحوثيين، سيواجهون عدة سيناريوهات، ابرزها يتحدث عن قطع كل انواع المساعدات المالية لليمن، بهدف تجفيف الخزينة، ووضع الحوثيين امام تحدي تأمين الرواتب والالتزامات المالية، وبما سيؤدي الى ثورة غضب في الشارع اليمني ضدهم.
غير ان هذا الاحتمال، قد يعالج بتدفق مالي ايراني، وبوسائل اخرى تجعل مآلات اليمن في نهاية المطاف، ليست سيئة ماليا، الى هذه الدرجة فوق الواقع الذي يعيشه اليمنيون اساسا.
مع هذا التحدي، هناك تحدٍ آخر يتعلق بقيام اطراف عربية ودولية بتمويل الصراعات في اليمن، بهدف انهاك الحوثيين، عبر تمويل القاعدة والاخوان المسلمين، وعشائر وقبائل، واجنحة في الجيش اليمني، بهدف اشعال الحرب الداخلية، بحيث يغرق اليمن في حرب كبرى، لاتجعل للحوثيين، اي قدرة على فرض الاستقرار في اليمن، او الاستئثار المريح بالسلطة، ولن يكون غريبا ان تعمد عواصم عربية ودولية الى تمويل من نظن ان تمويله بات محرما، لان الهدف سيكون اغراق اليمنيين في حرب شاملة، تحرق الاخضر واليابس.
يأتي التحدي الثالث، ذاك المتعلق باحتمال تقسيم اليمن الى مناطق نفوذ، ودويلات، وقد يكون هذا حلا واردا في مرحلة ما عبر تشجيع اليمنيين الجنوبيين، تحديدا على الانفصال مجددا، والاعتراف بدولتهم سريعا، في سياق التهيئة والتسريع اساسا لانقسامات اخرى، قد تتوالى الاعترافات بشأنها، والغاية تصغير مساحة الحوثيين الجغرافية والسياسية، وقد يؤدي هذا المخطط الى خروج الحوثيين بدويلة صغيرة، او تحولهم الى شراذم مقاتلة تحاول منع تقسيم اليمن، اذ يريدونه موحدا، لاصغيرا مقسما.
النظام الرسمي العربي، لن يسكت على ماجرى في اليمن، وهو سيسعى بكل قوة، الى انهاء الحوثيين، حتى لو ادى ذلك الى انهاء اليمن ذاته، لان الحلول المتاحة قليلة، لكن علينا ان نتذكر هنا، ان المعركة مع الحوثيين في اليمن، احد التعبيرات عن معارك الاقليم، فهي صورة عن المعركة في سورية، وتلك في العراق، ولبنان، وهي من ذات الحزمة، ولايمكن هنا، تبسيط الامر باعتباره مجرد صراع بين اليمنيين ذاتهم، اذ ان عدوى الاقليم، ومكاسراته انتقلت الى اليمن، وقد تكون مؤهلة ايضا للانتقال الى مواقع اخرى.
والعبرة في النتيجة فقط!.