التطرف وما ينتج عنه من ارهاب مشكلة ليس من السهل اجتثاثها من البشر ، لانها مرتبطة بفهم النصوص الدينية او القيم السياسية والاجتماعية ، ولهذا عندما يشير جلالة الملك الى المعالجة طويلة الامد المرتكزة على مواجهة الفكر بالفكر والرأي بالرأي فهذا جزء من التعامل المنتج مع هذه المشكلة بالمشاركة مع التعامل السياسي والامني والعسكري ، والغاية الدفاع عن الاسلام ومنع اختطافه من أي جهة.
قبل عقود كان بعض العاملين في حقل الدعوة يواجهون شبهات يطلقها خصوم الاسلام او بعض غير مكتملي فهم هذا الدين ، وبعض العلماء كتب كتبا ترد على هذه الشبهات ، ومنها كتاب حمل اسم ( شبهات حول الاسلام ) للاستاذ محمد قطب رحمه الله.
ومما كان يقال في حينه ان الاسلام دين قطع الأيدي وسفك الدماء وكان معتنقي هذه الشبهات يرون مثلا في عقوبة وحد السرقة سببا لاطلاق هذا الاتهام ، وكان من السهل على اهل العلم الرد على هذه الشبهات لان تلك العقوبات رادعة وتحمي المجتمع تماما مثلما نتحدث اليوم عن ضرورة تنفيذ حكم الاعدام فيمن يستحق.
تلك شبهات تعامل معها أهل العلم بمنطق مقنع ، لكننا نعيش اليوم واقعا لا يمكن لأي عالم الدفاع عنه وهو مشاهد القتل والسيوف والرؤوس التي اصبحت مقترنة بتنظيمات تدعي انها تدافع عن الله تعالى ودينه ، تنظيمات تقدم الاسلام ليس للعالم بل حتى لابناءه على انه قتل مسلمين قبل غيرهم ، اسلام عنوانه سيف او بلطة لقطع الرؤوس ، وزواج بعد سبي لمسلمات وغير مسلمات ، والفتوى جاهزة فغير المسلم قتله وتهجيره سهل لانه كافر ، وكل مسلم لا ينتمي لهذا التنظيم فهو مرتد وقتله واجب ، ولهذا يصل احدنا الى سؤال :- هل خلق الله هذا الكون والمليارات التي تعيش عليه واختصر الايمان فقط بتنظيم عنوانه القتل والسيوف وقطع الرؤوس ؟! وهل رسالة الاسلام التي جاءت رحمة للعالمين هي التي نراها حيث الدين هو تنظيم يقتل حتى اعضاءه ان خالفوا الاوامر باعتبارهم مرتدين ؟
وهل الاسلام الذي اعتنقته المليارات منذ أكثر من ( 1400 ) عام هو هذا التنظيم وامثاله ، وهل صورة الاسلام هي هذه السيارات التي تحمل الرشاشات في ارجاء بلاد امتنا وكل حامل بندقية يدعي أنه يحمل تفويضا من الله تعالى لقتل الناس او السعي للسيطرة على حكم او مصفاة بترول او الهجوم على سيارة جيش او شرطة مسلمين او سرقة نفط ؟!
هل هذا هو الدين الذي انتشر في العالم وصنع حضارة انسانية وارغم حتى خصومه على الاعتراف بمضامينه وعظمة رسالته !؟!!
ترى لو كان الاسلام كما يحاول هؤلاء تجسيده فهل كان سيبقى آلاف السنين وينتشر في كل القارات... ، وهل الاسلام تنظيما مسلحا او عصابة قتل ، ام دين وحضارة ورحمة للعالمين كما وصف الله تعالى رسالة محمد عليه السلام.
احيانا نجد ما حولنا يناقض حتى البديهيات ، فنحن تعلمنا ان اول اية في القرآن الكريم هي « اقرأ « ، وان الله تعالى اقسم بالقلم ، أي رفع لمكانة العقل والمنطق والعلم ، فلماذا يصر البعض على جعل صورة الاسلام رجلا ملثما يحمل سيفا ويستعد فيها لقتل صحفي ، وهل الحضارة التي صنعها الاسلام كانت اولويتها تحريم لبس البنطلون وتهجير من لا يتبع الدين ، ام هو السلوك الحسن والمعاملة التي جعلت تجار المسلمين هم الطريق لنشر الاسلام في دول عديدة وليس حملة السيوف وقادة الجيوش.
جزء من مكافحة التطرف ان ندحض كل فعل او فكر متطرف بالحجة والمعلومة والمنطق.