احدى بديهيات الحرب مع تنظيمات التطرّف أنها حرب طويلة وأن المستهدف في كل وقت هو الأردن البلد والدولة وحق الناس في حياة طبيعية آمنة، وهذا التعامل من داعش في قضية معاذ ليس استهدافاً لشخصه أو أهله أو عشيرته بل لأنه أردني وضابط في الجيش العربي.
وحين يكون هدف هذا التنظيم الأردن فإن علينا أن نواجه هذا الفكر بتعامل يحمي البلد لا أن نكون لقمةً سهلة لحملات هذا التنظيم الذي يريد أن يشعل الخلاف بيننا وأن يصنع قلقاً واضطراباً مهما كان نوعه أو مستواه وأن تتحول الدولة إلى متهم يدافع عن نفسه، وأن يجد بعض أصحاب الأجندات منابر للنفخ في نيران القلق ليس حباً في معاذ أو تعاطفاً مع أهل معاذ بل خدمةً لغاياتهم.
لنكن أردنيين ولا يتحول فعل بَعضُنَا إلى عون لخصوم الدولة بل أن نكون جميعاً أردنيين بما نفعل وليس بأوراق ثبوتية.
معاذ نقف جميعاً معه لأنه أردني مقاتل كان يقوم بواجبه، ومكانة أي أردني مهما بلغت فإنها لا تصل إلى مكانة الأردن، فلنعامل بلدنا بتعاطف ومناصرة وانتماء لا يقل عن تعاملنا مع قضية أي أردني.
لنكن أردنيين فمن يعمل ليل نهار لصناعة الفوضى بيننا لن يفرق بين أصحاب الوعي فينا أو غيرهم، وحين يفجر قنابله كما حدث في تفجيرات الفنادق عام ٢٠٠٥ يصل الموت إلى الجميع ولهذا فالوعي والصدق مع البلد إن لم يكن وطنية فهو مصلحة مباشرة للجميع وحتى بعدما تنتهي قضية معاذ ونتمنى أن تنتهي بعودته سالماً فإن تنظيمات التطرّف لن توقف استهدافها للأردن، تماماً مثلما كان هذا الاستهداف قبل ان يكون التحالف الدولي ضد الاٍرهاب، وربما لو كشفت الدولة عن أشكال وتفاصيل الاستهداف لما سمعنا من يقول بأنها ليست حربنا.
لنكن أردنيين لأن الحرب مع هؤلاء ليست جدلاً حول قانون أو موقف بل عمل دؤوب منهم للمس بوجود الدولة وقدرتها على الاستمرار والبقاء، وهذا ليس خيالاً، فهذه التنظيمات ومن يدعمها من الدول هي التي حولت سوريا إلى ركام الدمار والقتلى والمشردين، وكذلك ليبيا، وما تتعرض له مصر.
لنكن أردنيين فالتهاون أو ممارسة أي فعل غير ناضج وطنياً ثمنه أكبر مما يعتقد البعض، وربما يخدم اضافة للمتطرفين أولئك الذين فشلوا في سنوات ما يسمى الربيع في أخذ البلد إلى الفوضى الأمنية والسياسية.
قضية الأردن مع تنظيمات التطرف ليست فقط منذ وقوع معاذ رهينة بل قبلها بسنوات طويلة وستستمر ما بقي الأردن صادقاً مع نفسه ويرفض هذا الفكر اياً كان اسم التنظيمات التي تحمله.
لنكن أردنيين فالأخطاء حتى لو كانت صغيرة قد تكون أثمانها كبيرة، والدولة التي تسقط أو تدخل عالم الفوضى لن تجد شقيقاً ولا صديقاً يساعدها بل ستخرج كل المشاعر العميقة وستنكشف الوجوه القبيحة التي تزيد النار اشتعالاً.
بفضل الله تعالى دولتنا تجاوزت المراحل الصعبة، ولدينا قيادة ومؤسسات سيادية قوية فلنكن عوناً لها ولأنفسنا، وليس مطلوباً منا جميعاً إلا أن نكون أردنيين.