الالتفاف العربي والعالمي الأخير حول الأردن والإعجاب بجلالة الملك وبإدارته وقيادته غير المسبوقة بالنسبة لأي قائد آخر ،إنْ الآن وإنْ على المدى السابق المنظور القريب والبعيد، يُحمِّلان الأردنيين ،كلهم وبدون استثناء، مسؤولية تاريخية غير مسبوقة فهذا الإنجاز يجب البناء عليه والمضي به قدماً وهذا يتطلب التخلي نهائياً عن عادة «الفزعات» والهبَّات الآنية ويتطلب أنْ نبادر لعملٍ منهجي يشمل قطاعات شعبنا كلها من أجل الدخول ببلدنا بسياقٍ جديد متواصل وغير منقطع ولا متقطع يجب إيصاله إلى الأجيال المقبلة .
الكل يعرف بيت الشعر العربي القائل :
إذا هبَّت رياحك فاغتنمها
فإن الخافقات لها سكون
وحقيقة أنَّ هذا التحول التاريخي الذي حققته المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة عبد الله بن الحسين ،الذي أثار إعجاب العالم كله، بحاجة ليس فقط إلى المحافظة عليه بل إلى البناء فوقه وتعميقه بالنسبة لأبنائنا وأجيالنا الصاعدة.. فهذا الشعب أثبت أنه عند أي امتحان صعب وعسير ،كامتحان ما جرى مع البطل الأردني الطيار المقاتل معاذ الكساسبة، يترفع عن الصغائر ويغلَّب العام على الخاص والرئيسي على الثانوي وما هو في مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية ولهذا ومن أجل البناء على ما تحقق يفرض على من يعتبرون أنفسهم نخباً قيادية أنْ يلتقطوا هذه اللحظة التاريخية ويحولوها إلى مسيرة عطاءٍ تضع بلدنا في المكانة التي يستحقها على مستوى العالم بأسره .
وهنا فإن الصراحة تقتضي أنْ نقول أنه لا يجوز أن نترك جلالة الملك يسجِّل الهدف تلو الهدف بينما نكتفي نحن بالحداء وبالزغاريد والتصفيق , إنه علينا أن نسارع لإلتقاط هذه الإنجازات وإنجازات قواتنا المسلحة – الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية وأن نبني عليها لتكون الإرث الذي نتركه لأبنائنا وأحفادنا وليبقى هذا الوطن في حالة صعود إلى الأعلى وإلى العُلى حتى يصبح بمستوى الأوطان المتقدمة وأكثر .
إن أهم ما شاهدناه في الأيام الأخيرة هو التفاف شبابنا ،طلبة الجامعات والمعاهد وطلبة المدارس، حول وطنهم وحول قيادتهم وهذا يجب ألَّا يُترك ويتم التعامل معه كهبَّة آنية وكمناسبة عابرة... إنها ستكون جريمة بحق هؤلاء الشباب وبحق وطننا إن لم نستطع إدراك أهمية ما جرى وإن لم نلتقط هذه اللحظة التاريخية ونعمق المشاعر الوطنية الجياشة التي شملت الأردنيين كُلهم.. إنها مسؤولية الإعلام ومسؤولية الأحزاب والقيادات الشعبية ومسؤولية الاتحادات الطلابية والنقابات ومسؤولية المعلمين وأساتذة الجامعات إنها مسؤولية الفنانين والذين يعتبرون أنفسهم من يصنعون الرأي العام ويقودونه في بلدنا .
نحن واثقون من أن قيادتنا الممثلة بجلالة سيدنا ،هذا الشاب الذي أثبت فعلاً أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة ثابتة واحدة والذي هو أفضل ما تركه الحسين ،رحمه الله، لنا ولوطننا وللأمة العربية والإسلامية أيضاً، ستواصل الإنجاز تلو الإنجاز والعطاء بعد العطاء لكن هذا يجب أن يدفعنا لأن نقوم بما هو مسؤوليتنا ومسؤوليتنا هي ألا نبقى مجرد مزغردين ومصفقين بل فاعلين ومشاركين والبناء بسرعة على كل ما تحقق.. وهنا فإن الأهم هو أن نعمق المشاعر الوطنية الصادقة لدى شباب الأردن ،طلاب الجامعات والمدارس، وأن نحميهم من التشوهات التي يحاول غرسها في نفوسهم المزايدون والعدميون وبعض القوى السياسية المنحرفة التي أفظع ما قامت به في الأيام الأخيرة هو أنها أساءت لمشاعر الأردنيين وبخلت بصفة الشهادة على بطلنا معاذ الكساسبة ورفضت اعتبار «داعش» منظمة إرهابية!!.. إنَّ الكرة أصبحت في مرمانا كشعب أردني عليه ألا يكتفي بالفرجة والتصفيق لقائده وهو يسجل كل هذه الأهداف ويحقق كل هذه الإنجازات العظيمة .