ونحن إذ نتفيأ ظلال الذكرى السادسة عشرة للوفاء والبيعة، الوفاء للمغفور له الحسين طيب الله ثراه والبيعة للملك عبدالله بن الحسين حفظه الله، ونحن إذ نفتخر بالهاشميين وملوكهم على مر التاريخ فإننا نؤكد بأننا على العهد ماضون، فالاردن يشكل قصة نجاح لبلد موارده فوق الارض لا تحتها، فإستثماره بإنسانه لا بموارده الطبيعية، ومقولة للحسين رحمه الله بدأنا نلمسها هذه الايام “سيأتي يوم يتمنى كل من لا يحمل الجنسية الاردنية لو أنه أردني”، وفي بطولة الشهيد معاذ الكساسبة بكاه الملك عبدالله الثاني لحبه لشعبه وجيشه، بيد أن رؤساء دول من حولنا يقصفون شعوبهم بالبارود والقنابل والصواريخ، كدليل على أن الانسان الاردني أغلى ما نملك، فقد دكّ الملك عبدالله الثاني معاقل داعش من أجل إنسان واحد بطل، في الوقت الذي لم يفعل فيه رؤساء دول عظمى لهم شيء رغم قطعهم رؤوس الكثير من مواطنيهم، وفي الأزمات وأوقات الثلوج وغيرها الملك وجيشنا العربي البطل يوزع الاطعمة ووسائل التدفئة وغيرها على المواطنين ويساهم في نقل المرضى للمستشفيات ويفتح الطرق وغيرها، بينما في دول مجاورة يقصفهم بالصواريخ، والملك بين صفوف شعبه في كل زمان ومكان وحدث، فيزور بيوت العزاء ويلتقي الناس ويتابع أوضاعهم ويتحسس همومهم ومشاكلهم، ببساطه لأنه حَكَمَ فعَدَل فأمِن فجَلَسَ مع الناس وحَضَر بينهم وعاش همومهم وتحسس مشاكلهم وساعدهم وخدمهم وأكرمهم وإحترمهم.
أشعر بالفخر عندما أسمع مقاطع فيديو لمشاهير من غير الأردنيين يتغزلون بالاردن، وكان آخرها للفنانة الكويتية شمس وصحفيين وفنانين وسياسيين وكثيرين، حيث قالوا أن الاردن بلد لا يوجد فيه موارد طبيعية ومع ذلك هو أنظف بلد ويمتلك أقوى تعليم وأكثر صحة وفيه السكن والمأوى والامان والاستقرار واحترام الانسان وجوازه أقوى جواز كمؤشر على حضوره العالمي، وهذه شهادات نعتز بها وتؤشر على نجاحات الدولة الأردنية وقيادتنا الهاشمية.
والرد المزلزل على داعش بإعدام زبانيتهم وفق القضاء لا الانتقام ومراعاة الاردن لحقوق الانسان والقوانين الدولية، وتوقيت الرد على إعدام البطل الكساسبة من خلال طلعات نسور الجو الأبطال معادلة موزونه دون تطرف كمؤشر على دولة تحترم نفسها ومدنيتها.
فكل الإعتزاز بقيادتنا الهاشمية ومليكنا الإنسان جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم والذي يمتلك همّة الشباب وحكمة الشيوخ، ونفتخر بإنسانيته دوماً في كل المناسبات، ونتباهى بحزمه في حماية الاردن ومواطنيه، فالاردن بلد عزيز ومنيع ومن يتحدث عن تهديده لا يعرف قيادته وهويته واستقراره وتاريخه.
وفي ذات الوقت نترحم على روح الشهيد البطل النقيب الطيار معاذ الكساسبة ونحتسبه عند الله تعالى قد قضى شهيداً، فلقد أحرقه المجرمون والبربريون والارهابيون الذين لا يعرفون الانسانية والضمير والاخلاق، لكنهم بدأوا يدفعون الثمن غاليا بحول الله تعالى، وعزاؤنا لاهل الشهيد: والده ووالدته وزوجته وعموم عائلته والجيش العربي والاجهزة الأمنية والاردنيون كافة وجلالة الملك وجميع الشرفاء في العالم، فقد انضم الشهيد البطل لقوافل الشهداء الاردنيين الابطال المدافعين عن الحق وعقيدتهم ووطنهم وأمتهم والانسانية جمعاء، ويكفيه فخراً أنه قضى واقفا شامخا مرفوع الرأس مواجها آلة المجرمين والنار لأنه على حق وصواب ولأنه تربى في مدرسة الكرامة الاردنية.
فالاردنيون كلهم غضب وضد أفعال داعش الاجرامية وسيزلزلون الأرض من تحتهم وهذه بداية نهايتهم بحول الله تعالى، وأول الردود على المجرمين إعدام زبانيتهم وهجوم نسور جونا عليهم بعشرات الطائرات، والقادم أبشع لتلقينهم من الدروس القاسية بحول الله تعالى وليدفعوا الثمن غالياً.
اللحظات العصيبة هذه زادت الأردنيين قوة ومنعة وتماسكا وأصبحوا كالبنيان المرصوص، وعظّمت وحدتهم الوطنية ومتّنت جبهتهم الداخلية، ووقفوا بصلابه خلف قيادتهم الهاشمية وجيشهم وأجهزتهم الامنية، فالاردنيون معدنهم أصيل ويدركون حجم مؤامرات الفتنة والحرب النفسية التي تحاول داعش وغيرها من المتربصين والمشككين والمفتنين وأصحاب الاجندات وغيرهم للعبث بأمننا الوطني، وكلنا سنفوت الفرص عليهم.
وما قطع جلالة الملك لزيارته الرسمية لأمريكا وعودته للوطن ومشاطرته العزاء للأردنيين كافة وزيارته لبيت العزاء ومشاركة جلالة الملكة في مسيرة تندد بالإرهاب في وسط العاصمة إلا مؤشرات على إحترام القيادة الهاشمية لروحية عطاء أبناء قواتنا المسلحة الباسلة والإنسان الأردني وأن الانسان الأردني أغلى ما نملك، وإدانة العالم بأسره للجريمة النكراء مؤشر على صدقية رسالة وثوابت الدولة الاردنية وحضورها العالمي.
ودعاء وصلوات الأردنيين كافة والعالم بأسره للشهيد البطل رافع الرأس، وطلب الرحمة لروحه الطاهرة وقراءة الفاتحة والقرآن الكريم وإقامة صلاة الغائب على روحه الطاهرة مطلوب من الجميع دائماً، فشهيدنا البطل معاذ الكساسبة رفع رأس الاردن والاردنيين وإنضم لقوافل الشهداء، وقضى شهيدا وهو شامخا مدافعا عن الحق والكرامة والعقيدة والانسانية، والاردنيون جبهتهم الداخلية متينة وصلبة ولا يقوى عليهم المفتنون، وهم خلف قيادتهم الهاشمية وجيشهم العربي وأجهزتهم الأمنية كالبنيان المرصوص، وجيشنا العربي سيلقن المجرمين أقسى الدروس.
فالجموع الغفيرة التي أمّت وما زالت تأم بيت عزاء شهيدنا البطل النقيب معاذ الكساسبة بمسقط رأسه في عي بالكرك الشماء فيها من القراءة ما فيها، فمشهد الشهادة وحضرة الموقف والمكان والزمان والشخوص والنكهة تكاد تكون مختلفة، فالناس كلهم يلهجون بالدعاء والتعاطف والشعور والروحانية والتماسك والفخر وغيرها، فهذه الجموع الغفيرة تمثل ألوان الطيف والنسيج الاجتماعي الاردني كافة، بعشائره وحضره ومدنه وبواديه ومخيماته، والمدنيين والعسكر، والرسميين والشعبيين ومنظمات المجتمع المدني، بدينيه الاسلامي والمسيحي، والوحدة الوطنية وتماسك الاردنيين وصلابة موقفهم وتوحيد صفهم وحبهم لوطنهم كلها تتجلى في بيت العزاء ،لأن الشهيد يجمع وهو قاسم مشترك أعظم للجميع، وتهافت الاردنيون من كل حدب وصوب رسالة للعالم أجمع بأننا كلنا ضد الارهاب ونقف خلف الجيش والاجهزة الامنية والقيادة الأبطال لنعطيهم الضوء الاخضر في دك معاقل داعش وأخواتها في عقر دارهم، وطيبة الاردنيين وتعاطفهم تتجلى بين المعزين والمعزيين، ولا تمييز بين الجهتين، فالشهيد إبن الوطن وهو فقيد الجميع، ومشهد إستشهاده ماثل بين عيني كل مواطن، وبيت عزائه في كل منزل أردني وأردنية، والكل فخور بالشهيد والكل يتحدث عن البطولة والشموخ لدى الشهيد، وكثير من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والافراد أطلقوا إسم الشهيد على شوارع وقاعات ومواليد وغيرها، والشهيد أخذ صفة العالمية لحب الله تعالى ثم الناس له، لايمانه المطلق بعقيدته وثوابته الوطنية، ولتذكر وتعاطف كل العالم للطريقة البشعة التي تم إعدامه فيها من قبل الارهابيين، ولمشهد شموخه ورجولته، فتحول لانسان غير عادي ليخلده التاريخ الانساني، فالشهادة في سبيل الوطن والواجب والحق لها نكهة مختلفة، والاردنيون كلهم مع الحق، وكلهم مشاريع إستشهاديه لنصرة الحق والدفاع عن الوطن، وفخورون بشهيدهم وشهيد الانسانية البطل.
ومن حقي أن أكتب بالاردنيين والاردنيات متغزلا ومتفاخرا، ومن حقي أن أظهر لكل الناس صفات الاردنيين الاشاوس والأردنيات أخوات الرجال، ومن حقي أن أتباهى بهم وأرفع الرأس بكل فرد في الاسرة الاردنية الواحدة، فكل الاردنيين والاردنيات نشامى ونشميات وأصحاب شومات، وكلهم في خندق الوطن، فالأردنيون طيبون ويجمعهم حب الوطن، والشدائد والازمات تقوي عضدهم، ومحك الرجولة فيهم في وقتها، وشهادة البطل معاذ الكساسبة دليل على ذلك، والاردنيون أصحاب الوفاء والمروءة ولا تعرف الخيانة والخديعة والمكر طريقها إليهم، ولا ينسون الجميل وفضل أهله، والاردنيون كرماء ويفدون الوطن بدمائهم الزكية، وتضحياتهم مشهود لها في كثير من المواقع في الحرب والسلام، والاردنيون أصحاب كرامة وعزة نفس، ولا تنحني جباههم إلا لله تعالى، وما شهادة البطل الكساسبة وموته واقفاً إلا برهان على سموهم وشموخهم، والاردنيون أذكياء بفطرتهم وسجيتهم لكنهم ليسوا ساذجون، فيميزون الغث من السمين، والسم من الدسم، والحقيقة من الخيال، والوهم من الواقع، والاردنيون يوازنون ويواءمون بين لغتي القلب والعقل بالمنطق والتحليل والمقاربة الموضوعية، ولا يتركون أن تطغى إحداهما على الاخرى إلا بالخير، والاردنيون رجال في الشدائد ولا يلينون وقت المحن ولا يقبلون الضيم، لكنهم متسامحون من قلوبهم وقت اللين، فوقفاتهم رجوله وعطاؤهم منيع، والاردنيون محبون ومحترمون للآخر ولا تعرف الكراهية طريقها إليهم، لكنهم على العدو نار لهيب حارقة، والاردنيون أصحاب نخوة وحميه وشومات وفزعات وهبات، وأصحاب مواقف وحمية وكرم وذود وسند وصون، وأصحاب عزوة وقول وكبرياء وولاء وإنتماء، والاردنيون يلتفون حول قيادتهم الهاشمية وجيشهم وأجهزتهم الامنية وفي خندق الوطن كالبنيان المرصوص، وجبهتهم الداخلية حصينة ومنيعة، ونسيجهم الاجتماعي ووحدتهم الوطنية أكيدة، ويقفون وقفة رجل واحد ضد الارهاب والارهابيين والمفتنين والمبررين والمتعاطفين والمندسين والمشككين، ووقفتهم الاخيرة تسجل في ميزان وطنيتهم وإنسانيتهم وحسناتهم.
والاردنيون صفاتهم جم وأفعالهم زينه ومواقفهم رجولة وطيبتهم عنوان أصالتهم، وذكورهم أشاوس ونساؤهم أصايل، فهم كالشجرة التي جذورها عميقة لاصالة معدنها، وأغصانها تعانق السماء، وثمرها حلو المذاق وقت الفرح ومر وقت المحن والشدائد، فألف تحية وإجلال وإكبار ومن القلب للأردنيين والأردنيات وللبطل الشهيد معاذ الكساسبة ولمليكنا المفدى أبي الحسين، وعاش الأردن حراً عزيزاً آمناً مستقراً رغماً عن المجرمين والإرهابيين والجبناء.