ما أغضب وزير خارجية ، باقي ما تبقى ما يسيطر عليه نظام بشار الأسد من سوريا، وليد المعلم وجعله يتجشأ بتصريحاته ،المطلوبة منه، ضد الأردن هو أن هذا البلد ،المملكة الأردنية الهاشمية، قد خيَّب ظن «أسياده» الذين كانوا قد وعدوا وتوعدوا بأنهم سينقلون الإرهاب ،الذي استدرجوه استدراجاً ليفعل هذا الذي يفعله في سوريا، إلى الدول المجاورة والمقصود هو هذا:«القطر العربي» الصامد صمود الجبابرة والراسخ رسوخ الجبال المجاور من جهة الجنوب للجمهورية العربية السورية .
والمضحك حتى الاستلقاء على الظهر فعلاً ليس فقط اتهام الأردن :»بأنه جزءٌ من عملية إرسال الإرهابيين عبر حدوده إلى سوريا بإشراف الولايات المتحدة»!! وإنما الحديث عن أنه ،أي الأردن، لا يملك قراراً مستقلاً ليُنسِّق مع نظام بشار الأسد لمقاومة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وبالطبع فإن هذا الاعتداء كان قد أرسل كتعليمات إلى «مسامير صحن» المخابرات السورية ،الذين لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الواحدة، من بعض والذين لا يربطهم بهذا البلد إلَّا حمل الهوية الأردنية وجواز السفر الأردني.
والسؤال الذي كان على وليد المعلم ،الذي يصفه رفاقه الذين هم بقايا أشلاء حزب البعث، بأنه «أندريه غروميكو» العرب!!، هو: مع من ينسق الأردن يا ترى إن هو أراد؟!! هل مع قاسم سليماني أم مع حسن نصر الله أم مع سيرغي لا فروف أم مع الولي الفقيه في طهران أم مع المجلس الأعلى للشراذم الطائفية والمذهبية التي جرى استيرادها من العراق ومن إيران ومن باكستان وأفغانستان والتي غدت وللأسف هي الآمر الناهي في «القطر العربي السوري» الذي من قبيل المناكفة والضحك على الذقون لا يزال يرفع راية «أمه عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة»؟
نحن نعرف أن ما أغضب أسياد وليد المعلم ،فدفعوه إلى التجشؤ بهذا الكلام الذي وضع في فمه حشواً، هو أن اغتيال الطيار البطل معاذ الكساسبة قد كان امتحاناً صعباً نجح فيه الأردنيون بكل جدارة واقتدار وهو أن سلاح الجو الملكي قد أظهر شجاعة وكفاءات عالية بتوجيه ضربات قاصمة للظهر لتنظيم «داعش» الذي أقام دولته هذه وعاصمتها مدينة «الرقة» السورية التاريخية بترتيب بل بتآمر من المخابرات السورية والإيرانية وباستغلال للعنف الطائفي الذي مورس ضد العرب السنة في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن .
الآن وبعد إقحام سوريا في هذه الحرب المحتدمة بعد انفجار انتفاضة الشعب السوري في مارس (آذار) عام 2011 التي بدأت سلمية واستمرت سلمية لبضعة شهور قبل أن يحرفها نظام بشار الأسد عن خط سيرها وتتحول إلى ثورة مسلحة.. الآن وبعد كل هذا لم يعد هناك جيش سوري بل تشكيلات «ميليشاوية» و مروحيات تصب جام غضبها بالبراميل المتفجرة على باقي ما تبقى من أبناء الشعب السوري في وطنهم وعلى أرضهم.. إن هذا النظام الذي يطالب وليد المعلم الأردن بالتنسيق معه لم يعد يسيطر إلَّا على أجزاء متناثرة مقطعة الأوصال من البلاد.. والدليل هو أن القتال يدور الآن في كل مكان حتى في أطراف العاصمة دمشق وأيضاً داخلها .
ربما أن «أندريه غرويكو» العرب هذا يعرف أنه لو كانت هناك دولة سورية متماسكة ولا تزال قائمة فعلاً فإنها لما ابتلعت كل الإهانات التي وجهها الإسرائيليون إليها بضرباتهم واعتداءاتهم المتلاحقة وأنها لما تخلت عن مهمتها المفترضة لحزب الله ولفيلق القدس الإيراني ولأكثر من خمسة وثلاثين تشكيلاً طائفياً..أليس عيباً ما دام أن هذا هو واقع الحال أن يقول وليد المعلم: إننا لا نسمح لأحد أن يخرق سيادتنا الوطنية ..وإننا لسنا بحاجة لقوات برية كي تدخل سوريا لتحارب «داعش» ..هل السيادة الوطنية السورية يا «غروميكو» العرب غير مخروقة الآن؟ ماذا تقول عن هذه الدولة التي أقامها تنظيم «داعش» وعاصمتها مدينه «الرقة»؟ ماذا عن أن الإيرانيين يتصرفون ويتحركون في سوريا ومعهم حزب الله حتى بدون التنسيق مع باقي ما تبقى من الدولة السورية؟ ولذلك وفي النهاية فإنه لا بد من التذكير بذلك المثل القائل:»إن لم تسْتحِ فافعل ما تشاء».