سوف يتلقى الأردن هذه السنة منحاً عربية وأجنبية تزيد عما ورد في الموازنة العامة ، فإلى جانب المتفرقات من اليابان والاتحاد الأوروبي وألمانيا وبريطانيا ، وغيرها سيتلقى الأردن مليار دولار من الدول الخليجية ، ومليار دولار من أميركا.
المنحة الخليجية تركز على التمويل الرأسمالي لاستثمارات اقتصادية مدروسة ومقبولة ، والمنحة الأميركية موزعة بين دعم الموازنة ، والمشاريع الاقتصادية ، والتجهيزات العسكرية.
هذه المساعدات ترتب على الأردن التزامات سياسية وسلوكية ، معظمها مطلوب لذاته بصرف النظر عن الناحية المالية ، مثل أقوى العلاقات مع الدول الخليجية ، والقيام بكل ما يلزم لحماية أمن الدول الخليجية ، فالجيش الأردني قوة احتياط جاهزة للتدخل فيما إذا تعرضت دول الخليج لخطر خارجي. أما أميركا التي تعلن حرباً عالمية على الإرهاب ، فإنها تتوقع من الأردن أن يلعب دوراً فعالاً في هذا المجال يرغب الأردن أساساً في القيام به.
قد يرى البعض في اعتماد الأردن على المساعدات المالية الخارجية قيداً على حرية الحركة ، وهذا صحيح لولا أن سياسة الأردن الخارجية تلبي مصالح الدول المانحة وليس فيها ما يمس مصالح الأردن ، فالأردن يعتبر نفسه جزءاً لا يتجزأ من مجموعة الخليج العربي لدرجة التطلع إلى عضويته.
من ناحية أخرى فإن الأردن يأخذ موقفاً حاسماً من الإرهاب والتطرف يفوق ما يتوقع من بلد صغير محدود الموارد ، وقيامه بهذا الدور يفرض على المجتمع الدولي أن يقدره ويدعمه بدون حدود.
المهم أن لا تستخدم المساعدات الخارجية في تمويل نفقات جارية لأنها ليست مؤبدة ، وانقطاعها أو انخفاضها يحرج الاردن إذا كان يستخدمها لنفقات متكررة ، أما الإنفاق الرأسمالي سواء كان مدنياً أو عسكرياً فيمكن أن يتوسع أو يتقلص حسب الظروف والموارد المتاحة.
الأردن يلعب دوراً إقليمياً هاماً أكبر بكثير من حجمه وموارده ، فهو موجود ومتحرك على جميع حدوده الغربية والشمالية والشرقية لدرء الأخطار المحدقة.
هذا السـخاء في جانب المنح الخارجية يفرض إعادة النظر في فرضيات وتوقعات الاقتصاد الأردني لهذه السنة ، فربما يرتفع معـدل النمو الاقتصادي إلى 5% ، وينخفض معدل البطالة إلى 5ر10% ، ويقتصر العجز المالي على ما بقي من خسائر الكهرباء.