حفلة الجنون؛ التي تحدث عنها وزير الخارجية الروسي ناصحا لوليد جنبلاط عدم الانخراط فيها، حسب ما ورد في مقالة عربية مهمة، لم تغر الأردن تلك الحفلة الصاخبة، وما زال الموقف الأردني واضحا من التطرف والارهاب ومحاولات تعميم الفوضى في المنطقة، وعلى الرغم من الحادثة الوحشية بحق الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة، فإن موقف الأردن واضح، ويتبنى استراتيجية يعرفها العالم كله، تتولى الدولة الأردنية تنفيذها، ولا يمكن أن يفرط عقد الوحدة الوطنية وتعم الفوضى كما يتمنى إرهابيون وحاقدون، كالذي كتب مقالة عنوانها «الأردن في الفخ»، تجاوز فيها عن حقائق مهمة، أهمها توحد الأردنيين خلف قيادة تتبنى استراتيجية، توضح مدى التزام الدولة الأردنية بالموقف الأخلاقي والقانوني من الإرهاب، ومن «مؤسسات الفوضى» التي تنفث خطابها الحاقد ضد الاسلام النوراني المعروف..
يتحدث الكاتب عن قصة سقوط الطائرة الأردنية، ويتحدث عن تقارير ومصادر لم يوضحها، ولم نسمع عنها شيئا سوى في مقالته، التي يزعم فيها أن الأردن يتبنى خطابا إعلاميا يدعو المواطنين للثأر من داعش الارهابية، ومن أتباع لها في الأردن، يزعم الكاتب بأنهم يشكلون نسبة تضمن انهيار الأردن، في حال تعرضها للثأر من قبل عشائر أردنية على خلفية جريمة داعش، ويصف الجيش العربي بأنه جيش بلا خبرة حربية..الخ.
الكاتب؛ الذي يقول عن تقارير أمريكية مزعومة، يتحدث عن خطاب إعلامي أردني يدعو للثأر من داعش ومن أردنيين يؤيدون داعش، ولم يسمع عن وحدة الصف الأردني في مواجهة الارهاب بطريقة ملتزمة ومنسجمة مع الاستراتيجية التي تتبناها الدولة الأردنية، فلم يسمع الملك عبدالله الثاني مثلا، حين خاطب الاعلام العالمي عن استراتيجية الأردن في مواجهة الارهاب، التي يصنفها الأردن على 3 مراحل (عسكرية وأمنية ثم أيدولوجية)، ولا أعلم أين الثأرية في هذه الاستراتيجية ؟! فالعسكر هم الآن في مواجهة الارهاب، ولم تنته بعد المرحلة العسكرية، ولم تبدأ المرحلة الأمنية، ومن المبكر الحديث عن المرحلة الايدولوجية..التي تتشارك فيها النخب، ولا أعلم كيف توصل الكاتب الى دور «ثأري» تقوم به العشائر والقبائل الأردنية !
لم يتابع الكاتب ردة الفعل المنطقية القانونية الحكيمة من قبل ذوي الطيار الشهيد، ولم يفهم الدرس الأردني الأول الذي قدمه أهل الشهيد للأردن وللعالم كله، والد الشهيد الذي قال: كلنا فداء الوطن والجيش العربي والراية الهاشمية وكلنا «جنود» في خدمة الوطن، وشقيق الشهيد الذي قال :أنا أول المتطوعين في صفوف الجيش لمقاتلة داعش المجرمة..وبيانات العشيرة المؤكدة لما يقوله أبو وأخو الشهيد، خطاب إعلامي منسجم مع الدولة واستراتيجيتها وهو ما لم يرد ذكره في مقالة الكاتب..
عن أي فخ يتحدث الكاتب ويتناسى تصريح رئيس مجلس الأمة «عبدالرؤوف الروابدة» حول عدم استعداد الأردن لخوض معركة برية في الأراضي السورية والعراقية، وهي الفكرة – الخبر- الذي تتناقله وسائل الاعلام المحلية والدولية عن مصادر أردنية رسمية حكومية موثوقة.. هذه أخبار ومواقف لا يراها الكاتب، كما يتجاهل الطلعات الجوية التي تقوم بها طائرات سلاح الجو منذ اليوم التالي لخبر استشهاد الطيار الكساسبة..
هذه المقالة وغيرها من المقالات التي تخاطبنا وتدعونا لمراجعة وفهم التاريخ، مقالات لا تساوي الحبر الذي استخدم لكتابتها، ولعل «كتابها» هم الأحوج لمراجعة التاريخ الأردني، خصوصا ما تعلق بالجيش العربي ومعاركه ومهنيته العالية، او ما تعلق بالسياسة الأردنية الذكية الحكيمة التي حافظت على الأردن واحة أمن في منطقة مشتعلة بالفوضى والخراب، وهو بلا شك لم يتعامل يوما مع أردني ليعلم مدى وعي الشعب الأردني والتزامه بأمن واستقرار بلده، خصوصا وأن الأردن نقي مما تلوثت به كثير من الأوطان التي خربتها الفوضى والطائفية والإثنية..