«كمن ينفخ في قربة مثقوبة» فقد أغلق الإخوان المسلمون آذانهم في وجه كل من دعاهم ،من باب الحرص على تنظيم من المفترض أنه تنظيم أردني، إلى تصحيح أوضاعهم ومراجعة مسيرتهم ،التي تقلبت عليها مراحل كثيرة منذ أن تم تسجيلهم كفرع لـ»إخوانهم» في مصر،والوقوف وقفة نقدٍ جدية مع الذات تضعهم في سياق مستجدات حركة التاريخ تنظيمياً وفكرياً وسياسيَّاً وفي كل شيء.
لكنهم ليس لم يكتفوا بإدارة ظهورهم لكل من أسدى إليهم بنصيحة ،صادقة وخالصة لوجه الله بل واعتبروا حتى من تحدث بضرورة إصلاح أوضاعهم الداخلية من زملائهم في «الجماعة» نفسها عدواً مبيناً ومنفذاً لـ»أجندات» خارجية وهذا هو ما يحدث الآن بالنسبة لتيار «زمزم» الذي لو استعرضنا رموزه وبحيادية كاملة لوجدنا أنهم يشكلون الوجدان الحيِّ لهذا التنظيم وأنهم ضحوا بالكثير من أجله وأنهم يضعون الأردن الوطن والشعب فوق أي تنظيم حزبي.
بقي الحزب الشيوعي السوفياتي يرفض الإصلاح لأكثر من سبعين عاماً مما جعله يصاب بداء «التصلَّب» العقائدي والسياسي والتنظيمي الذي أدى إلى انهياره دفعة واحدة بمجرد أن أقدم ميخائيل غوربا تشوف على تلك الهزة الإصلاحية الخفيفة الـ»بيريسترويكا» ويقيناً أن هذا سيحدث مع «الإخوان المسلمين» ومع حزبهم حزب جبهة العمل الإسلامي قريباً ما دام أنهم أغلقوا نوافذهم وآذانهم وقلوبهم أمام المحاولات التي قام بها تيار «زمزم» الذي يبدو أنه سيلجأ إلى «الفراق» بعدما أخفق بتمرير ما يريده من داخل الأطر التنظيمية وبعدما قام «أباطرة» التنظيم الإخواني بفصلهم.
لماذا يصر الإخوان المسلمون على تبعيتهم لـ»التنظيم الدولي» مع أنهم يعرفون أن هذا مخالف للقوانين الأردنية؟! ثم لماذا يصر الإخوان المسلمون على ازدواجية العضوية بينهم وبين حزب جبهة العمل الإسلامي مع أنهم يعرفون أن هذا مخالف أيضاً للقوانين الأردنية السارية وبخاصة قانون الأحزاب؟! ثم لماذا يصر هؤلاء على مشاركتهم التنظيمية في مجلس شورى «حماس» والمفترض أنهم يعرفون أن هذا تدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية؟!.
هل يظن الإخوان المسلمون أنهم سيبقون وإلى الأبد بمثابة «الطفل المدلل» في هذا البلد وإنه يحق لهم مالا يحق لغيرهم وكل هذا وهم يعرفون أن التنظيم الأم الذي هو «إخوان مصر» قد أصبح تنظيماً إرهابياً؟ ألا يخشون من أن يأتي وقتٌ ربما يكون قريباً يساقون فيه إلى المحاكم بتهمة الإرهاب نظراً لارتباطهم التنظيمي بـ»الإخوان» المصريين على اعتبار أن هؤلاء هم حصراً التنظيم الدولي لهذه الجماعة؟!.
إن مشكلة الإخوان المسلمين أنهم بقوا ،لضرورات سابقة لم تعد قائمة، عابرون للمراحل بدون أي مراجعة جدية لأوضاعهم وبدون أي تعديل في مفاهيمهم ومنطلقاتهم وطرق عملهم ومنذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن ولذلك فإن عليهم أن يدركوا أن لحظة دفع الاستحقاقات المتراكمة قد حانت وأنَّ الانقسام ،الذي ضرب كل أحزاب المنطقة، وكان أهمها حزب البعث وحركة القوميين العرب، بات يمسك بتلابيبهم وإن الأمور لن تقف عند «زمزم».. وهم بالتأكيد يعرفون ما هو المقصود بهذه «الغمزة» معرفة أكيدة!!.