لو أنَّ إخوان «إخواننا» يقبلون النصيحة، والمفترض أنهم يقبلون، لكانوا تجنبوا وتحاشوا طلب الترخيص للحزب الجديد الذي يبدو أنهم عازمون على تشكيله باسم :»حزب الإخوان المسلمين» فدنيا الله واسعة وهناك أسماء كثيرة لا تثير المشاكل والإشكالات فهذا الاسم المتداول بالإضافة إلى أنه سيخلق مشكلة مع «الجماعة» قد تشغل الطرفين لسنوات طويلة فإنه يتعارض مع قانون الأحزاب الذي ينص على عدم الترخيص لأي حزب بصفة دينية وهذا في حقيقة الأمر يجب أنْ ينطبق على حزب جبهة العمل الإسلامي.
إن هؤلاء الإخوة، الذين نعرفهم ونعرف مدى التزامهم الوطني المنزَّه عن أي تشكيك، يعرفون أنًّ هذه التسمية الدينية ستخلق إشكالات كثيرة فهناك شركاء في هذا الوطن من غير المسلمين لهم الحق في أن يتساووا مع «الأكثرية» في كل شيء ثم وإن ما يمكن قوله وعلى مضض هو إن هذا الاسم :»الإخوان المسلمون» لم يعد جذاباً وهو إذا كان يستدرج الذين اشتعلت رؤوسهم بالشيب فإنه لا يستدرج الأجيال الصاعدة التي يجب أن يتوجه إليها أي تشكيل حزبي جديد بغض النظر عن اسمه وبرامجه ومنطلقاته.
لماذا الدخول في متاهة الصراع والمواجهات مع الذين ليست لديهم لا الرغبة ولا القدرة على مغادرة خنادق عشرينات القرن الماضي والذين لو أنهم يدركون معطيات الألفية الثالثة لما حاربوكم بالإشاعات والدسِّ الرخيص ومحاولات التشويه ولكانوا بادروا ومبكراً إلى تحويل «الجماعة» إلى حزب مفتوح الأبواب والشبابيك وللأردنيين كلهم بدل صيغة «المافيات» السرية التي جعلتهم يبدأون مسيرة التراجع مبكراً وجعلتهم يستمرون بالعيش في الكهوف المعتمة التي تجاوزتها حركة التاريخ منذ سنوات سابقة بعيدة .
إنه من الأفضل والأجدى للأردن أنْ تطلُّوا على الشعب الأردني بما يتلاءم مع الألفية الثالثة، اسما ومنطلقات وبرامج ومفردات ولغة سياسية، وأن تتركوا هؤلاء ليواصلوا الدوران حول الهياكل القديمة وليواصلوا استخدام لغة باتت غريبة وغير مفهومة وبخاصة بالنسبة للأجيال الصاعدة وليواصلوا إغلاق عقولهم أمام معطيات القرن الحادي والعشرين وخوض معارك لا هي معارك الأردنيين ولا معارك الأمة العربية وليتنقلوا بتحالفاتهم على أساس مصالح «التنظيم الدولي» وتحالفاته المتقلبة ووفقاً لما يقرره المرشد الأعلى الذي هو بمثابة: «الولي الفقيه» لدى الطائفة الشيعية.
اتركوهم.. هُمْ واسمهم الذي غدا كجدران الكهوف الرطبة المعتمة القديمة.. اتركوهم لتحالفاتهم السرية مع «داعش» ومع «إيران».. اتركوهم للشيخ يوسف القرضاوي ولأولياء نعمة الشيخ يوسف القرضاوي.. اتركوهم للاستمرار بالدوران في الحلقة المفرغة.. اتركوهم لفشلهم في الحفاظ على حلفائهم وأصدقائهم القدماء.. اتركوهم لـ»مراقبهم» العام «ولعبوسه» و «تكشيرته» التي تطرد الأصدقاء وتستدرج الأعداء!!.
إن هذه المرحلة التي يمر بها أردننا وتمر بها أمتنا العربية من أخطر المراحل على الإطلاق وهذا يملي علينا كلنا أن نغادر خنادقنا القديمة وأن نتنازل عن بعض قناعاتنا «المتوارثة» وأن نرفع شعار «الأردن أولاً» وأن نرص الصفوف ونغلب الرئيسي والأساسي على الثانوي والعام على الخاص.. ولذلك ومرة أخرى فإننا نقول لكم من موقع التقدير والثقة والأمل والمصلحة الوطنية : اتركوهم ليبقوا في كهوفهم وانطلقوا في فضاء الله الواسع.