أخر الأخبار
العلاقة الحميمة وتأثيرها على الحالة المزاجية
العلاقة الحميمة وتأثيرها على الحالة المزاجية

عمان - الكاشف نيوز

يعتقد الكثير من الناس أن العلاقة الحميمة يجب أن تحدث تغييراً إيجابياً في الحالة المزاجية للشخص، وأنها يمكن أن تكون العلاج البديل للكثير من حالات الاكتئاب التي تمر بنا في الحياة، وهذا أمر يمكن أن نعدّه صحيحاً إلى حد ما، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن العلاقة الحميمة قد ينتج عنها بعض اضطرابات المزاج الشبيهة بحالات الاكتئاب العادية، التي تصيب عدداً كبيراً من النساء وأيضاً الرجال، مع اختلاف الأسباب المؤدية إلى ذلك، وهي حالات تعرف بالاكتئاب الناتج عن الممارسة الحميمة، فهل سمع بها أحد قبل ذلك؟ وما مدى انتشارها وتأثيرها على العلاقة الزوجية؟ وهل يمكن علاجها؟ وغيرها من الأسئلة التي سوف نوضحها من خلال عرض إحدى الرسائل الواردة لبريد المجلة؛ لإلقاء الضوء على مثل هذه الاضطرابات غير المعروفة، وتوضيح بعض الحقائق حولها، مع ضرورة الاستعانة بالطبيب المختص إذا لزم الأمر، فكل هذه الحالات يمكن علاجها والتخلص من الآثار الناتجة عنها.

الحالة:
الرسالة المرسلة من السيدة أم عدنان، تحمل الكثير من المعلومات المهمة عن أحد الاضطرابات المتعلقة بالعلاقة الحميمة، ولكنها للأسف ليست معروفة لدى العديد من الناس، ويندر أن يناقشها الأطباء في حديثهم عن الاضطرابات المصاحبة للعلاقة الحميمة.


أم عدنان سيدة متزوجة منذ ما يقرب من أربعة أعوام، من رجل يكبرها بعدة سنوات، ولديهما طفلان رائعان، وحياتهما الزوجية مستقرة تماماً تقول: «لاحظت منذ نحو شهرين أن زوجي تنتابه حالة غريبة من الاكتئاب، وأحياناً البكاء بعد الممارسة الحميمة، وقد تستمر معه لعدة أيام مما جعله يميل إلى التهرب من إقامة العلاقة الحميمة، بعدما كان يمارسها يومياً، ما جعلني أشعر بالقلق عليه، وبدأت أراقب تصرفاتي معه؛ حتى لا أكون أنا السبب، وبعد حوار وجلسة مصارحة طويلة، قال لي: إن المشكلة فيه هو، وليس لها علاقة بي حيث إنه يشعر بالضيق وعدم الراحة بعد العلاقة الحميمة، وأيضاً يشعر بالرغبة في البكاء، ويرتاح قليلاً عندما يكون عندي الدورة الشهرية، والحقيقة لم أفهم السبب، ما جعلني أبحث عند الصديقات، وأيضاً في الإنترنت عن معنى لهذه الحالة وكيف نعالجها، ولا أخفيك الأمر، دكتورة، أن إحدى الصديقات أثرت علي كثيراً، بقولها قد يكون لديه امرأة أخرى، وهو ما لم ألاحظه، أو حتى أجد له أي دليل ولو ضعيفاً، الأمر الذي جعلني أطلب منه العلاقة بكثرة، اعتقاداً مني أنها تحسن من الحالة المزاجية للإنسان، ولكن النتيجة كانت العكس تماماً، وأنا في حالة من الخوف، ولا أعرف كيف أساعد زوجي من دون أن أتسبب في ضرر أكبر مما حدث، فهل يوجد تشخيص لمثل هذه الحالة؟ والأهم هل هناك علاج؟ مع العلم بأن حالته تكاد تكون طبيعية في الأيام العادية، بعيداً عن العلاقة».


الإجابة:
سيدتي الفاضلة: رسالتك تعرض إحدى أهم المشكلات المتعلقة بالعلاقة الحميمة، والتي تصيب عدداً من النساء والرجال، وعلى الرغم من ذلك لا يعرف الكثيرون عن هذه الحالة، والتي تعرف بـ«اكتئاب الجماع»، وتصيب هذه الحالة أكثر من 32% من النساء، ولا تختلف النسبة كثيراً عند الرجال، وعادة ما يحدث هذا الشعور إما بعد انتهاء العلاقة مباشرة، أو في أحيان أقل بعد الممارسة الذاتية.


وجد الدكتور ريتشارد فريدمان أن العلاقة الحميمة قد يصاحبها نوع من الشعور بالكآبة، أو التوتر أو عدم الرضا لدى بعض الرجال والنساء، ما قد يجعل الشخص يتفادى هذه الممارسة، الأمر الذي يزيد الوضع تعقيداً نتيجة محاولة الشريك لتفسير السلوك المصاحب، وهو محاولة الامتناع أو التوقف عن الممارسة الحميمة، والذي قد يفسره الشريك خطأ بأنه نتيجة وجود علاقات خارج الزواج، أو حتى أنه المسؤول عن هذه التغيير في نمط المعاشرة، كما وجد أن بعض الحالات تكون نتيجة وجود صراع داخلي لدى الشخص، كونه من ضحايا التحرش أو الاعتداء أثناء الطفولة، ونجد الشعور هنا أكثر من مجرد عدم الرضا عن الأداء الحميم، كما يحدث مع العديد من الناس، بحيث يكون الإنسان أكثر ميلاً للاكتئاب والبكاء، ومحاولة تجنب إقامة العلاقة الحميمة، سواء مع الذات أو مع الشريك، ولا تصاحبه العلامات المعروفة لمرض الاكتئاب، مثل العزلة الاجتماعية أو فقدان الشهية للطعام، وغيرها من أعراض الاكتئاب.


ولعل من أكثر الأمور شيوعاً في هذه الحالات، الفرق في تصرف الزوج عن الزوجة، في محاولة إرضاء الشريك، حيث نجد أن معظم الزوجات يملن إلى التمثيل في أثناء العلاقة الحميمة، بالتفاعل الحميم مع أن أعضاءها غير متجاوبة، ما يضيف عبئاً أكثر على الزوجة، في حين نجد الرجل يميل إلى التعبير بأنه مرهق، ويخلد للنوم، ما يفسح المجال للعديد من الشكوك والخلافات بين الزوجين، إذا لم يكن هناك حوار صادق من القلب للقلب بين الزوجين للبحث عن علاج لهذه الحالة، ونجد مرحلة البكاء تكون في المراحل المتقدمة، وبخاصة إذا شعر الزوج بالرغبة الحقيقية لدى الزوجة؛ للمساعدة في الحل والعلاج، هنا قد يقتصر على الجلسات الإرشادية للزوجين، أو قد يشتمل على تناول بعض أدوية معالجات الاكتئاب المتعلقة بمادة السيروتونين، ما يخفف من حدة المرض، والنقطة الأهم هنا أن يتم شرح الحالة بصورة مفصلة للزوجين، لتفهم الوضع وعدم تحميل الإنسان فوق طاقته، قبل أن يكون مستعداً لذلك.


وجد في بعض الحالات أن هناك علاقة بين هذه الحالة والشعور بالآلام بعد العلاقة، وبخاصة عند المرأة، وهو موضوع سنناقشه في الأعداد المقبلة بإذن الله.

نصيحة:
الاكتئاب المصاحب للعلاقة الحميمة، هو أحد الاضطرابات المهملة لدى الكثير من الأشخاص، والذين قد يعتقدون خطأ أن مبدأ «وداوها بالتي كانت هي الداء» هو العلاج الأفضل، والحقيقة عكس ذلك.