عمان - الكاشف نيوز : كتب عدلي الأتيري.
شاركت قبل أيام في اجتماع موسع بمقر الأمن الوقائي في بتونيا، كان قد تم دعوتنا إليه كصحفيين تحت عنوان "دور الإعلام كسلطة رابعه في دعم وإسناد القيادة السياسية" وقد أعتقدت أن اللقاء هو بداية مصالحة جدية بين الأمن والإعلام ، بعد أشهر طويلة من الإعتداءات المتكررة من قبل أجهزة الأمن في الضفة الغربية ضد الصحافة والصحفيين، إضافة لحالات فاضحة من قمع الحريات واعتقال مدونين ونشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي بتهمة "إطالة اللسان ".
إلا أن الإجتماع قد شابه الكثير من الغموض وعلامات الاستفهام، لمسها جميع من حضروا، والذين خرجوا دون ان يتمكنوا من تحديد وصفاً محدداً للدعوة التي قاموا بتلبيتها إن كانت إجتماعاً، أم مؤتمراً صحفياً، أم استدعاءً، أم رسالة تهديد مبطن لبعض من حضروا ؟!
فالملاحظة الاولى: كانت أن المدعوين هم في غالبيتهم من ضباط قطاع غزة العاملين في رام الله، أما الاعلاميين فجميعهم من ابناء الضفة الغربية، فهل في ذلك رسالة للاعلاميين بأن يحفظوا وجوه هؤلاء فهم بؤرة التوتر والتخريب في الضفة الغربية ؟؟!!!
والملاحظة الثانية: أن الدعوة قد استثنت الكثير من كبار الإعلاميين المؤثرين، وكأن المقصود إعلاميين يمكن السيطرة على نقاشاتهم مع تقديري لمكانة جميع زملائي الحاضرين" والذين أثبتوا من خلال مداخلاتهم أنهم أكبر مما يعتقد البعض، وأنهم يدركون أهداف هذه الدعوة وأبعادها، وانتقدوا برجولة، وهو ما لم يتوقعه من رتبوا الإجتماع حسب اعتقادي.
أما الملاحظة الثالثة: فهي محاولة الأخ زياد هب الريح الظهور بمظهر المتفوق على زملائه الآخرين من مدراء الأجهزة الأمنية ، سواء خلال كلمته أو من خلال بعض الترتيبات البروتوكولية والتي أعتقد جازماً أنها لم تكن عفوية.
والملاحظة الرابعة: كانت غياب مدير الأمن الوطني اللواء أبو دخان والذي لا يمكن تبرير غيابه بأي حال من الأحوال حيث لم يشارك بهذا اللقاء ولو بمندوب عنه ولا حتى ضباطاً صغار!!
ورغم كل ما سبق من ملاحظات والتي قد يعتبرها البعض غير ذات أهمية، إلا أن الصدفة قد أوصلتني لما هو أخطر وأهم.
فقد بدأ الجميع بالمغادرة باستثناء عدد من الزملاء الذين تأخروا لقيامهم بتبادل الحديث مع بعض كوادر الأمن الوقائي، في الوقت الذي كان يتحرك فيه الأخ هب الريح مودعاً قادة الأجهزة والصحفيين، وما أن انتهى من ذلك حتى وقف مع اثنين من ضباطه المقربين وللصدفة كنت أقف بجانب أحدهم، والتفت اللواء هب الريح إلى أحدهم مبتسماً وبهدوئه المعتاد سأل ساخراً: "شو وضعه للكابتن ماجد؟؟ أنت كنت قاعد زي ماجد نفس الكرسي ونفس المستوى، وأنا عملت فيه مثل ما عمل أيالون في السفير التركي".
فضحك الضابط قائلاً: "مش راح يفهمها".
وعاد هب الريح إلى مكتبه ، وغادرت أنا المكان وفضولي يقتلني لمعرفة ما وراء حديث هب الريح.
للوهلة الأولى اعتقدت أن الأمر لا يعدو كونه تصرفات صبيانيه من مدير هذا الجهاز أو ذاك تجاه زميله، أو هي درجة طفولية من درجات التنافس بين أجهزة الأمن، وسرعان ما تبدد كل هذا الاعتقاد بعد أن جلست بالأمس مع صديق لي في الأمن الوقائي والذي أوضح لي أن الأمر أخطر من ذلك بكثير، حيث أن هناك قلقًا عميقًا لدى الرئاسة الفلسطينية من سلوك اللواء ماجد فرج في الآونة الأخيرة، وهناك معلومات مؤكدة نقلها أحد القيادات الفلسطينية إلى الرئاسة مفادها أن ماجد فرج ينقل للأمريكان والإسرائيليين تفاصيل الخطوات التي ينوي الرئيس القيام بها، وسرعان ما تقوم هذه الجهات بتحذير الرئيس من خطورة الإقدام على أي خطوة ينوي القيام بها، هذا بالإضافة لقيام ماجد فرج بتقديم نصائح للرئيس الفلسطيني بالاتجاه المعاكس لرغبات الرئيس، وبما يتفق مع الرغبات الأمريكية والإسرائيلية.
وقد أكد لي صديقي هذا أن اللواء هب الريح لايمكنه الاستهزاء بشخصية ماجد فرج ما لم يكن هناك ضوء أخضر من الرئاسة الفلسطينية، وبذلك تكون قد تلاقت رغبات الرئاسة بتحجيم ماجد فرج مع قناعات اللواء هب الريح بأن فرج قد أخذ أكبر من حجمه خلال الفترة الماضية.
ويؤكد صديقي أن أحد المسؤولين الكبار في الرئاسة قد أبلغه أن الرئيس عباس قرر الأسبوع الماضي عدم اصطحاب ماجد فرج معه في رحلاته الخارجية إلى حين التدقيق في مدى صحة بعض التقارير التي وصلت مؤخراً للرئاسة الفلسطينية من مصادر موثوقة.
وبعد كل ما تقدم من أحاديث أستطيع أن أقول أن اللواء هب الريح كان يقصد ما يقول عندما وصف ماجد فرج "بالكابتن" وهو مصطلح يطلقه الفلسطينيون على ضابط المخابرات الاسرائيلية، وكان يقصد عندما وضع لنفسه مقعداً أعلى من المقعد الذي أجلس عليه ماجد فرج في احدى زوايا الاجتماع، وأن هب الريح باقتحامه لمكتب نواب غزة في مدينة رام الله قد رد بقوة على ادعاءات ماجد فرج التي كان يروجها في مكتب الرئيس بأن هب الريح لايرغب في مواجهة جماعة الدحلان ولا يريد ان يخسرهم.