قضيتان فجرتَّا وضع الإخوان المسلمين ،الذين تفاقمت أزمتهم بعد انهيار تجربة إخوانهم في مصر، الأولى :هي قضية التنظيم السري الذي ،على طريقة المافيات، ثبت أنه غدا يتحكم بكل أمور هذه «الجماعة» وبخاصة في السنوات الأخيرة أما الثانية فهي قضية إصرار التكتل المتنفذ على عدم فك الارتباط بالتنظيم «الأم» في القاهرة وذلك مع أنَّ الجماعة المصرية قد أُعتبرت في أكثر من دولة عربية على أنها تنظيم إرهابي ولم يعد لها أي وجود في بلدها الأصلي من الناحية القانونية.
ولهذا فإن الواضح أنَّ العقدة الإخوانية ستبقى بلا حلَّال إنْ لم يتحلَّ «المتنفذون» في هذا التنظيم بالجرأة المطلوبة ويطلبوا مصلحة الأردن ومصلحة تنظيمهم المصاب بمرض الشيخوخة المتأخرة ويرضخوا للأمر الواقع بلا مكابرات وبلا محاربة لطواحين الهواء ويبادروا إلى فك الارتباط بـ»القاهرة» وتحويل جماعتهم إلى جماعة أردنية لها ما للأحزاب الأردنية الشرعية وعليها ما على هذه الأحزاب .
ثم وإنه غير جائز قانونياً أن يكون هناك في الأردن تنظيم سريٌّ لا للإخوان المسلمين ولا لغيرهم فهذا تهديد للأمن الوطني وهذا يجب أن تُعاقب عليه القوانين النافذة والمعروف أن هذا «التنظيم السري»، هو ما لجأ إليه «المراقب العام» ليُجندل رؤوس منافسيه في قيادة «الجماعة» الذين أداروا خدهم الأيمن عندما لطمهم «هذا» على خدهم ليس مرة واحدة فقط وإنما ألف مرة!!.
إن المعرف أن مسألة التنظيم السري هذا قد بدأت مع حسن البنا وأن هذا التنظيم هو المسؤول عن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق النقراشي باشا وعن محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عام 1954 وعن سلسلة طويلة من الاغتيالات والتفجيرات التي لا تزال متواصلة حتى الآن وأنه ،أي هذا التنظيم، هو الأساس لظاهرة الإرهاب التي أوجعت قلب مصر والتي نقلها أيمن الظواهري إلى أسامة بن لادن لتبرز ظاهرة «القاعدة» التي أنجبت «داعش» و «النصرة» وتنظيم الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا.. وأنصار الشريعة في ليبيا والعديد من الأسماء المتداولة في أسواق الجرائم السياسية في هذه المنطقة وفي العالم بأسره.
ليس كمطلب لـ»الإصلاحيين» و «التجديديين» وإنما قبل ذلك كأحد متطلبات الأمن الوطني الأردني والأمن القومي العربي يجب أن ينتهي هذا التنظيم (السري) أولاً بحكم القوانين النافذة..وثانياً بالقوة إنْ لن يجدي هذا ولن ينفع..أمَّا أن يلجأ «المتنفذون» إلى التهديد والوعيد وإلى «الفهلوات» و «التريقات» الكلامية والغمز واللَّمز والحديث عما يسمونه :»قيادة البراشوتات» فإن هذه مسألة من الضروري أن لا يتم السكوت عليها الآن وذلك إن سكتت عليها حكومات سابقة!!
وهكذا وبالإضافة إلى هاتين المسألتين الهامتين جداً فإنه لا بد من الانتهاء من «الشراكة» التنظيمية بين «الإخوان المسلمين» وبين حركة المقاومة الإسلامية (حماس)..وهنا فإنه بإمكان كل من يختار هذه الحركة الفلسطينية المجاهدة أن يغادر هذا التنظيم الأردني وأن يذهب إليها انسجاماً مع قناعاته التي لها كل التقدير والاحترام.. وأن يحمل السلاح الذي كان يجب أن يحمله مبكراً وأن ينتقل إلى قطاع غزة والضفة الغربية لمقارعة العدو الصهيوني.. وأن ينسجم مع ذاته تنظيمياً على اعتبار أن «حماس» قد أعلنت مراراً وتكراراً عن أنها فرع من «الجماعة» المصرية!!.
إن هذه المسألة ليست مجرد مسألة تنظيمية تخص الإخوان المسلمين وحدهم وإنه بالإمكان حلها داخل هذه «الجماعة» نفسها.. إنها قضية سياسية وأمنية خطيرة وكبيرة جداً وأنه على الجهات المسؤولة ألَّا تتردد في ضرورة معالجتها على أساس المصالح الوطنية العليا ووفقاً للقوانين النافذة لأن هكذا مسائل من أولى أولويات مسؤولياتها وفي صلب عملها دفاعاً عن أمن هذا البلد واستقراره.