كل الجدل والحديث عن الأزمة التي تعصف بجماعة الاخوان المسلمين يتناول التيارات التي تضم طبقة القيادات في التنظيم ، وهؤلاء يعيشون حالة صراع داخل الجماعة لعل بداياته العلنية كانت في نهاية عهد الاستاذ محمد عبدالرحمن خليفة رحمه الله ، وكان محور الصراع في حينه تغيير القيادة واقصاء ابو ماجد رحمه الله ، وكان كل خصوم اليوم حلفاء ، ثم دخلت الصراعات مراحل جديدة كان اهمها قرار المقاطعة لانتخابات عام 1997 الذي كان سببه الاول الصراع الداخلي وليس قانون الصوت الواحد ، فلم يكن منطقيا ان تخوض الجماعة انتخابات عام 1993 وفق قانون الصوت الواحد ثم تعود ( لتزعل ) من القانون بعد اربع سنوات من ذلك.
وفي كل مراحل الصراع كانت قواعد الجماعة او افراد التنظيم يتوزعون بين هذه التيارات ، لكن ( وباء ) الخلافات بين شلل القيادة ومحاورها كان ينعكس على جزء من القواعد التي تنحاز هنا او هناك ، واصبحت الانتخابات الداخلية للجماعة او الحزب ساحة تنافس ، رغم ان الاخوان يعانون من مشكلة داخلية وهي عدم تسديد الاشتراكات بنسبة كبيرة ربما لاسباب مالية للاعضاء ، او اسباب وقناعات اخرى ، لكن هذه الانتخابات شهدت في العقد الاخير ما يتحدث عنه بعض الاخوان اليوم وهو المال السياسي أي ان يسدد تيار عن مجموعات من الاعضاء مقابل تصويتهم له ، وهو أمر لا يختلف عن شراء الاصوات في أي انتخابات عامة.
لكن السؤال اليوم أين ستتجه قواعد التنظيم في تعاملها مع الازمة الحالية؟!
وهنا لا بد من الاشارة الى ان كل مجموعة من القيادتين لها انصار منحازون لها بالكامل وهناك متعاطفون يحملون عواطف لكن دون موقف له ثمن ، لكن بقية ابناء التنظيم موزعون على عدة مواقف: فهناك فئة تعتقد ان القيادة الحالية للجماعة عليها ملاحظات وفيها ضعف ، وانها فشلت في ادارة الخلافات الداخلية ، وان كل اخوان المنطقة حصلوا على مكاسب من فترة الحراك الا اخوان الاردن رغم انهم كانوا في وضع افضل من كل فروع الجماعة ، وهؤلاء يرون قيادة الجماعة ضعيفة وانها لم تستطع حتى حماية نائب المراقب العام من الاعتقال والسجن ولم تقم بأي جهد سياسي مع الجهات المسؤولة لتطويق الازمة.
فئة من هذه القواعد ترفض قيادة الجماعة لكنها تعتقد أن هذه العاصفة الاخوانية لا تستفيد منها الا الدولة ، وربما هذا سيجعلها تزداد احباطا ، لأنها لا ترى املا في قيادة الجماعة لكنها لا تريد الذهاب بعيدا في تأجيج الخلاف.
وهناك فئة من القواعد سيزيدها الخلاف الحالي لا مبالاة على ما تعانيه من احباط ولا مبالاة ، وربما يكون خيارها ترك الجماعة وممارسة حياتها بشكل طبيعي ، لانها على قناعة بأن هذه الخلافات افقدت الجماعة الفكرة والغاية وحولتها الى مجموعات تتنافس على السلطة والنفوذ والمصالح.
ولعل فئة من القواعد تنتظر ما الذي ستذهب اليه الامور ، وهل سيكون ترخيص الجماعة الجديد تحويلا للجماعة الى تنظيم خارج القانون بحيث تتحول الشرعية للقيادة الجديدة ، وهي اسئلة هامة ، لأن هناك من هم في الاخوان لا يريدون العمل تحت الارض او ان يكونوا ضمن المخالفين للقانون بكل ما يعنيه هذا من أثمان.
وهناك من القواعد من يميل للقيادة الجديدة ، لكنه ينتظر كيف ستستقر سفينة الوضع الجديد ، فاذا استقرت الامور فسيلحق بالركب.
وحتى ما تقوله قيادة الجماعة ( القديمة ) من ان ما يجري عبث من الدولة في التنظيم فانه حجة على الجماعة امام قواعدها ، فاذا كانت الدولة واجهزتها قادرة على بعثرة التنظيم بأيدي رموزه وقياداته فانه تنظيم ضعيف ، وقيادته ( السابقة ) تتحمل المسؤولية في عجزها عن ادارة خلافاتها مع قيادات ورموز هم حتى اعلان الترخيص يمارسون مهام قيادته.
واخيرا فكلما زادت شهور الازمة كلما انعكست بشكل أكبر على قواعد التنظيم وفروعه ، وقد نجد فروعا منحازة بالكامل هنا او هناك ، وحتى من يقفون على الحياد فان جوهر موقفهم ادانة للقيادة ( السابقة ) وعجزها عن احتواء الازمة.