من وجهة نظر إعلامية بحتة يمكن القول بأن خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأميركي كان قوياً ومؤثراً ، وقد حياه نواب وشيوخ أميركا وقوفاً عدة مرات ، لدرجة أنني لم استبعد أن يحملوه على الأكتاف ويذهبوا به إلى البيت الأبيض ليفرض نفسه على الرئيس الأميركي أوباما.
خطاب كهذا لا يكتبه نتنياهو ، بل شركات متخصصة في العلاقات العامة ، بعد أن يضع أمامها النقاط التي يريد التحدث بها ، ومع ذلك فقد أجاد في إلقاء الخطاب فكان ممثلاً رائعاً يستحق إعجاب زوجته التي كانت تحضر الخطاب!.
نتنياهو ركز خطابه على موضوع واحد هو مشـروع إيران النووي ، وهدفه إحباط الاتفاق الوشيك بين أميركا وإيران الذي يخشى نتنياهو أن يأتي على حساب أمن إسرائيل الوجودي.
نقطة الضعف هنا أن إسرائيل دولة نووية تنكر على غيرها حق امتلاك هذا السلاح ، وتريد من أميركا ليس فقط وقف العمل في المشروع النووي وتجميده عند المستوى الراهن – كما يستهدف الاتفاق الوشيك–بل تدمير كل تجهيزات المشروع بالقوة.
يقول نتنياهو أن عدم حصول اتفاق مع إيران أفضل من الحصول على اتفاق سيء ، أي أنه يفضل عدم الاتفاق. وفي غياب خيار الحرب ، يكون نتنياهو قد قبل باستمرار الوضع الراهن ، مع أن معناه استمرار التقدم في المشروع الإيراني بالسرعة الممكنة بالرغم من العقوبات الاقتصادية.
المستمع للخطاب يعرف ما يرفضه نتنياهو ولكنه لا يعرف ما هو البديل الذي يطرحه غير إبقاء الوضع على حاله.
الناطق بلسان البيت الأبيض لم يتأخر في صب الماء البارد على الخطاب الساخن ، بكلمات قليلة وحادة: (لا جديد في الخطاب ، كله عبارات عنترية ، ولا بدائل عملية).
نتنياهو نصّب نفسه مدافعاً عن أربع عواصم عربية سيطرت عليها إيران ، ويخشى أن تسيطر على المزيد. ولم يتكلم باسم إسرائيل وحدها بل باسم يهود العالم مما أزعج يهود أميركا وأحرجهم.
العلاقـة الإسرائيلية الأميركية علاقة بنيوية فوق السياسة والخطابات ، ومع ذلك فإن خطاب نتنياهو ومحاولته لي ذراع الرئيس الأميركي وإهانته دقت اسفيناً في هذه العلاقة التي لن تظل كما هي بعد اليوم.