بعيدا عن الخطط والاستراتيجيات السرية والعلنية لمكافحة الاٍرهاب والتطرف فان هناك حاجة الى جهد علمي منظم وعاجل تقدمه الدولة الأردنية للأردنيين وتحديدا فئة الشباب ولكل الشباب العربي بمن فيهم المتعاطفين مع عصابات التطرّف ، جهد يتجاوز مرحلة الرفض العام والشتم لوباء الاٍرهاب والتطرف الى نقاش علمي يناقش كل مفاصل الأحكام والفتاوى والاراء التي تبناها تنظيم داعش وامثاله ، اعتمادا على الفهم السليم للنصوص الشرعية واراء العلماء الثقات واجتهادات الفقهاء ، فمثل هذا الجهد العلمي ضروري لمواجهة عمليات التضليل التي تمارسها عصابة داعش على مواقع الانترنت والتي يبررون من خلالها مايفعلون ، ويحاولون استغلال ضعف المعرفة الشرعية لدى عامة الناس وفئات الشباب وإقناعهم بان كل مانراه من قتل واجرام وحرق ليس مخالفا للدين السليم بل له سند في افعال الصحابة والتابعين والنصوص الشرعية.
مثلما كانت رساله عمان مبادرة اردنية في مرحة سابقة حملت موقفا علميا ودينيا من كل المذاهب ضد التطرّف والارهاب ، فإننا اليوم بحاجة الى كتاب أردني ابيض يضم مادة علمية موثقة ومستندة الى الادلة الشرعية نقدمها ضمن حربنا على الاٍرهاب ، ونقدمه لشبابنا ولكل من تراوده نفسه بالانحياز الى اي رأي او موقف تتبناه تنظيمات التطرّف.
خلال الفترات الماضية أصدرت دائرة الافتاء مشكورة رأيين فقهيين ناقشت فيهما بعض آراء عصابة داعش ومنها موضوع الحرق وقتل المرتد ، وكانت مادة علمية قوية ، وهي خطوة نتمنى البناء عليها من خلال وضع كل آراء هذه العصابات والرد عليها بشكل علمي ، وجمع هذه المادة في كتاب ابيض أردني نقوم جميعا بتسويقه ونشره وربما تدريسه في جامعاتنا وإعلامنا ومساجدنا.
هذا الجهد يقوم على اعداده دائرة الافتاء وكليات الشريعة في الجامعات وكل صاحب علم من علماء الاْردن وربما ايضا من دول اخرى ، وحتى لو كان اردنيا محضا فان لدينا من اصحاب العلم والراي مايكفي.
علينا ان لانترك الناس دون مضمون علمي في مواجهة التضليل الذي تمارسه تلك التنظيمات ، وبدلا من المواقف العامة والاكتفاء بشتم الارهاب والتطرف فان علينا ان نذهب الى المضامين وليكن الاْردن مبادرا الى جمع كل النقاش العلمي في كتاب نقدمه للأردنيين وللامة ، مثلما كنّا مبادرين في رسالة عمان ومواقفنا السياسية والعسكرية والامنية. فهي حربنا بالسلاح والعلم والعاطفة والإعلام دفاعا عن الاسلام وأمننا وحق الأردنيين في حياة طبيعية.