لم تكن الظاهرة بهذا الوضوح منذ سنوات خلت رغم تراجع دلالة يوم الأرض خلال زوبعة الربيع العربي وما قبله , لكنها هذا العام شديدة الدلالة فقد غاب يوم الأرض عن الحضور في كل العواصم بما فيها رام الله , وللطرافة فإن قناة أفلام عربية شهيرة تحدثت عن يوم الأرض فيما أغفلته قنوات الأخبار المشدودة أوتارها على نغمة اليمن .
الأرض ويومها سيكون يوما عربيا على ما تشير دلالة اللحظة السياسية في الوطن العربي وارتفاع تعداد اللاجئين العرب , فنحن امام يوم ارض سوري وآخر عراقي ويوم ليبي واليوم اليمني على الطريق بعد استشراء ظاهرة الذبح على الهوية وازدياد الاستئصال البشري على اسس مذهبية وعرقية وطائفية , ولعل الكيان العبري يعيش لحظات سعيدة في هذا اليوم الذي بات ناديه مفتوحا لأعضاء جدد بعد اتساع عضويته اساسا .
خلال برنامج عرضته فضائية عربية قال مواطن سوري: إن اكثر شيء يجرحه في الازمة السورية أنه بات لاجئا وهو الذي كان يصف غيره بذلك , والجرح النفسي الذي كان واضحا على الرجل , ولعله في هذا اليوم يُعيد حساباته مع قضية اللجوء ومع وطنه الام كي يكون عاملا مؤثرا لاسقاط صفة اللجوء عن نفسه وعن ملايين اللاجئين السوريين على ان تنتقل الحمى التي اصابت السوري الى باقي أعضاء النادي وحماية اوطانهم .
يوم الأرض لن يكون إلا فلسطينيا ولا نتمنى انضمام أحد الى نادي يوم الأرض بدلالته الفلسطينية رغم ارتفاع الطموح الصهيوني والغربي , استنادا الى الحالة العربية الراهنة , التي تبتعد عن مواجهة القضايا المركزية بالعمق المطلوب , فاسحة المجال لكل دول الأقليم للتمدد وتوسيع النفوذ على حساب الاقطار العربية , فالقمة الاخيرة انحازت الى اليمن رغم عدالة قضيتها وتركت باقي الجروح نازفة دون اي محاولة تضميد .
في يوم الأرض ورغم كل الهالات السوداء التي طالت الشعوب العربية , تبقى فلسطين البوصلة وتبقى القدس الهدف المنشود , وسيبقى شهداء سخنين والمثلث والجليل هم بارقة الامل لأجيال فلسطينة قادمة واجيال عربية تحلم بتحرير فلسطين والصلاة في الحرمين المقدسي والابراهيمي , فكل هالات الربيع العربي ورغم هالاتها السوداء لم تقضِ على أمل الشعوب في التغيير والاصلاح واستعادة الحقوق المسلوبة .
في يوم الأرض نحتاج الى مراجعات وطنية شاملة , عمادها الحفاظ على الأرض خالية من اي دنس , وحماية الدولة المركزية وتعزيز قوتها بالاصلاح ومقاومة الفساد وبناء المجتمعات الحديثة على اسس قومية اسلامية لان ذلك اول شروط العزة واول حالات النصر والانفكاك عن التحرير داخل العوالم الافتراضية التي انعكست سلبا على حراك الشعوب بل ربما تكون احبطته بنقلها التعبير من الواقع الى التعبير على الافتراض الالكتروني , الذي حرر فلسطين آلاف المرات واسقط كل الانظمة وبنى شواهق من الإصلاح , في حين انه هدم البناء واسقط كل فعل حقيقي للتغير .
يوم الأرض خلال أعوام الربيع العربي كان خريفا بدل ان يزهر ربيعا كما منحته الطبيعة , وسيبقى اذار فارس الاشهر كرامة وكرامة , فهذه الامة تمرض ولكن لات تموت , وسيبقى الرهان معقودا عليها , وسيزهر الربيع في الجليل وسخنين والمثلث كما سيزهر الياسمين العراقي ولنيكون يوما إفرنجيا بل عراقياعروبيا صافيا , وسيزهر الياسمين البلدي في بلاد الشام وعلى اسوار حارات دمشق .
في يوم الأرض ألف قبلة لفلسطين بوصلة الجميع وألف قبلة لكل العواصم العربية التي تعيش لحظات التفجير وزمن الإرهاب الأسود وسنظل نغني للحبيبة عمان أمنا وسلاما لاأها “ حنّى على حنّى “ وسلاماعلى شهداء الأرض في كل العواصم .