أخر الأخبار
صمت الملك رواية أردنية
صمت الملك رواية أردنية

لا بد أنكم سمعتم بحديث نبوي شريف، يتناول زمانا تكون فيه الفتن كقطع الليل.. نقول هذا تحليل لما تناولته وسائل إعلام محلية وغيرها حول «صمت الملك عبدالله الثاني في مؤتمر القمة 26 الذي عقد وانتهى في شرم الشيخ».. لقد كان صمته أبلغ من كل كلام.
ثانيا قبل أولا: لسنا مأزومين في الأردن، الملك والجيش والشعب والقوى السياسية «حتى المعارضة منها» على موقف أردني واحد، ولا أزمات سياسية «مصيرية» تهددنا، فساحتنا الأردنية هادئة راشدة مستقرة، ولا دماء تلطخها ..أوكي شباب؟..أوك.
أما أولا فلا بدّ من التأكيد على أن موقف الأردن ملكا وحكومة ومعارضة وشعبا؛موقف قومي عربي اسلامي، وليس بالخبر الجديد تأييدنا جميعا لوقف التدمير والقتل والتخريب في اليمن، وأكثر من هذا رفضنا للتمدد بل للتدخل الايراني فيها، لما ينطوي عليه هذا التدخل من تهديد وابتزاز للخليج العربي، ولدينا 6 طائرات تشارك في هذه المرحلة من «عاصفة الحزم»، وهذا موقف أردني لا يقبل مزايدة ولامناقصة ولا قسمة ..اوكي شباب؟..اوك.
الآن نتحدث عن الهذر، والغوغاء، والكلام الاستفزازي الذي يفتقر الى بعد النظر السياسي، وهذا يكاد يكون الوصف الأكثر تداولا حول بعض الخطابات والكلمات التي تمت «تلاوتها» في قمة شرم الشيخ، وكما ذكر رئيس تحرير الدستور الاستاذ محمد حسن التل في مقالته الجريئة أمس الأول بأنها قمة قادة تجاوزت هموم وقضايا الشعوب، كما تتجاهل وتتجاوز عن تحديات كثيرة كبيرة، سيكون لها انعكاسات خطيرة..وهي مقالة أضمها الى «مبررات وتفسيرات» الصمت الملكي في تلك الجلسة «العاصفة» والمتعمقة في بعدها عن الموضوعية، فالسياسي الحكيم الذي يتمتع ببعد نظر وعمق فكرة، ويتمتع بقدرة على استيعاب الآخر، واستيعاب دور الشعوب وحقوقها في البناء والتعمير والتغيير.. يؤثر الصمت حين يكون الكلام يتنافى مع هذه الحقائق والحقوق.
هل فكرنا في اليوم التالي لتوقف «عاصفة الحزم» التي ستنتهي بلا حسم؟! أعني ما هو مصير اليمن بوجود ميليشيا الحوثي بسلاحها او منزوعة السلاح، أو بوجودها كحزب مشارك في العملية السياسية في اليمن، أو بعدم وجودها واختفائها عن الساحة اليمنية؟!.. ولن أتحدث هنا عن فكرة «الانتصار للشرعيات» والخروج «بالعواصف» على الخارجين عنها ، فالشرعية أصبحت في نظر النظام العربي الحاكم «نسبية»، والمواقف منها أصبحت طريفة تبعث على الضحك والبكاء معا..صليتوا على النبي؟ اللهم صلّ على سيدنا محمد.
أمن واستقرار الخليج يهمنا بلا شك،ويقع في صلب امننا ووجودنا الاستراتيجي، وموقفنا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول جميعا موقف ثابت، وكذلك هو موقفنا الداعم للعمل العربي المشترك، الذي يهدف الى حماية الأمة ومقدارتها وشعوبها والحفاظ على حقوقها ومكتسباتها، وتأتي مشاركتنا في الحرب على الارهاب منسجمة مع وجهة نظرنا الملتزمة بهذه الثوابت التي هي ثوابت الأمة العربية والاسلامية..
صمت الملك؛ حكمة مطلوبة، لن يلبث المتحدثون عنها غمزا ولمزا وغيرهم كذلك، لن يلبثوا طويلا وسوف يفهمونها، ويفهمون بأنها كانت رواية أردنية سياسية، أبلغ من كل الخطب والمراهقات الكلامية المتضاربة المعاني والدلالات..
كثيرون يصمتون، وفي ذهنهم مقارنات وأسئلة يعلمون الإجابات عن أكثرها، ويتمنون لو ترد هذه الأسئلة والأجوبة الى خاطر أصحاب القرار في الأنظمة العربية قبل التوغل في مستنقع جديد، والتعامي عن خطر أكبر هو أكثر من مجرد تهديد، أعني الخطر القادم من جهات أخرى معادية لهذه الأمة..ولا بد وأنكم سمعتم عن «اسرائيل وأطول وأقذر احتلال».
نقول في صحافتنا الوطنية ليست كل الأخبار تنقل، وكذلك نقول في صياغة الرأي العام: ليست كل الأوقات مناسبة الى كل التحليلات والتفاصيل..
لهذا نصمت؛ كما يفعل الملك الحكيم نقي السريرة واليد واللسان، هكذا يفعل الذين وهبهم الله إدراكا أوسع ونظرا ثاقبا، وقلبا يتفطر على حال الأمة العربية، التي أصبحت تموت بيد جيوشها بعد صدمتها وقتلها ببنادق شعوبها وديكتاتورية بعض حكامها.