أخر الأخبار
أضواء على الأزمة اليمنية
أضواء على الأزمة اليمنية

لفهم ما يجري يجب أن نستحضر دروس التاريخ والجغرافيا في اليمن كما في غيرها كمؤثر أساسي في الأحداث، وعليه لابد أن نؤسس للقاعدة الدينية والتاريخية التي أدت إلى ما وصلنا إليه.
لقد قدم الهادي يحيى بن الحسين الرسيّ عام 284 هجري إلى اليمن وتحديداً إلى صعده لإقامة الدولة الهادوية، وطرح شعار الدولة إمامة البطنين رجوعاً إلى الإمام علي بن أبي طالب واستمر هذا المذهب تحت عنوان ( الزيدية في اليمن )، وإذا انتقلنا إلى التاريخ الحديث بدءاً من عام 1990 نجد اسم بدر الدين الحوثي الذي أسس عام 1986 ( اتحاد الشباب ) تحول في عام ( 1990 ) إلى حزب الحق ودخل مجلس النواب عام 1993، اختلف بدر الدين الحوثي مع الزيدية وسافر إلى طهران، ثم انشق حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق وقاوم حزب الإصلاح واتخذ بعد ذلك في عام ( 2002 ) موقفاً معارضاً من الحكومة اليمنية، ورفعوا شعار ضد الغزو الأمريكي للعراق، توسطت قطر في عام ( 2008 ) وانتقل يحيى الحوثي وعبد الكريم الحوثي إلى قطر، أصبحت الحوثية على يسار الزيدية إن صح التعبير وتبنوا المذهب الأمامي الاثنى عشري، وهنا تدخل إيران على الخط المذهبي والسياسي لهذه المجموعة.
جرت ستة حروب مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح وساعدت طبيعة المنطقة الجبلية ( الجغرافيا ) والظروف الاقتصادية والاجتماعية إلى دخول الحوثيين على خط المعارضة السياسية كإحدى القوى المؤثرة والمعارضة، ووجدت القبائل المعارضة فيهم سنداً وبغض النظر عن طبيعة المذهب، وكانت الحرب ضد الإرهاب، والتخوف من انفصال الجنوب عناوين استفادت منها السلطة السابقة في مواجهة التحديات الجديدة للمعارضة، والتي انتهت بدخول مجلس التعاون الخليجي على خط الأزمة اليمنية بما عرف باسم المبادرة الخليجية التي انتهت بإقصاء الرئيس السابق والاتفاق على الفترة الانتقالية بزعامة الرئيس ( هادي ) وأعطت الرئيس السابق الحصانة من الملاحقة مما مكنه من استغلال إمكاناته التي وطدها من خلال ثلاثة قرون من الحكم جمع فيها ( السلطة والثروة )، وهو الذي نظم الجيش وحوله من جيش للدولة إلى جيش للشخص، ووجد ضالته في الحوثيين الذي كان الظرف مناسباً لهم بإقصاء الإصلاح حلفاء الأمس للرئيس، والموجه التي ظهرت بعد التغير في مصر ورضا دول الخليج عن الوضع الجديد المناوئ ( للاسلام السياسي )، مما سهل للحوثيين التمدد والاستيلاء على مفاصل الدولة، بحلف جديد مع الرئيس السابق.
شعرت دول الخليج وبخاصة السعودية بالخطر الحوثي، وبخاصة عندما اتجهوا إلى عدن، ومن مضيق باب المندب، مما يعني السيطرة الإيرانية على اليمن، وما ينعكس ذلك الوضع على الحدود السعودية، وعلى التركيبة الطائفية التي ربما تنتظر الفرصة. مما استدعى هذا الحرب ووضع حد للتمدد الحوثي واقصاء النفوذ الإيراني ليتحول الصراع من صراع محلي إلى إقليمي ثم عربي وإسلامي ودولي، مفتوح على احتمالات كبيرة، سيكون أفضلها إرجاع الأطراف إلى مائدة الحوار ولكن بشروط جديدة وليس بشروط الحوثيين السابقة، وهذا ما تسعى له دول الخليج حالياً، مدعومة بالمنظومة العربية والإسلامية والدولية، وهو الذي أجلّ أيضاً مطالب الحراك الجنوبي بالانفصال وهذا ما ستثبته الأيام القادمة، لأننا لازلنا في أول الطريق.