أخر الأخبار
عندما يخسر نتنياهو معركته !
عندما يخسر نتنياهو معركته !

خلال مفاوضات الساعات الصعبة والمعقدة الاخيرة، عشية التوصل الى اتفاق الاطار بين «السداسية « وايران في لوزان، كان وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف يبتسم دائما، وكان على تفاؤل بان ازمة الملف النووي الايراني اصبحت وراء ظهره. وبالمقابل كان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في ذروة الغضب والتجهم، حتى انه لم ينم تلك الليلة قبل ان يتصل بالرئيس الاميركي اوباما ويظهر له الغضب والاستياء باعتبار ان الاتفاق حول الاطار سينتهي باتفاق نهائي سيء يهدد وجود اسرائيل، ويرفع العقوبات عن ايران.
ما زال نتنياهو يعتقد انه قادر على رسم السياسة الخارجية الاميركية من خلال اللوبي الصهيوني وعبر الجمهوريين في الولايات المتحدة، ولكن خطوته الاخيرة بالذهاب الى الكونغرس، رغم ارادة الادارة في البيت اظهرت له وهم اعتقاده الاحمق، رغم تجديد الالتزام الاميركي بامن اسرائيل لتطمين الاسرائيليين.
ولكن الذي لا يعرفه نتنياهو هو ان اشنطن تبحث عن مصالحها، والدول تغير علاقاتها حسب مصالحها، وقد اثبت الرئيس اوباما انه قادر على تحقيق مصالح اميركا بدبلوماسية هادئة ودون ضجيج. وفي آخر عهده سجل هدفين لصالحه، او حقق اختراقين على جبهتين: لاول على جبهة اميركا اللاتينية حيث انهى بؤرة التوتر مع كوبا وعمل على تطبيع العلاقات الاميركية الكوبية، والثاني على الجبهة مع ايران، لأن حل مشكلة الملف النووي، والتوصل الى حل نهائي في نهاية حزيران سينهي بؤرة التوتر مع ايران، وربما الاستجابة الايرانية ستشجع الولايات المتحدة الى تطبيع العلاقات مع طهران.
امام هذا الواقع الجديد لا اعرف كيف سينجح نتنياهو بلجم غضبه، ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته امام هذه القضية، التي خسر فيها كل اوراقه. ولكن يبدو انه ما زال يحلم، وبشيء من التفاؤل، بأن اصدقاء حكومته من الجمهوريين في الكونغرس، سيعملون على عرقلة الاتفاق النهائي، او الضغط لتحسينه، على اسوأ الاحوال، وهو يطالب اليوم بالزام طهران «الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود». ولكن الادارة الاميركية التي رحبت بالاتفاق ووصفته بالانجاز التاريخي لن تسمح لنتنياهو بتخريب الاتفاق، لانه باعتقادها اوقف جهود ايران تصنيع القنبلة النووية، كما منعها من الوصول الى حافة السلاح النووي من اجل تطمين الاسرائيليين اولا واخيرا.
وقد يكون على طاولة الرئيس الاميركي وادارته بعض الاوراق والافكار التي لم يدركها نتنياهو ولا يعرف معناها. البعض يرى ان تطبيع العلاقات مع كوبا بوابة اميركا اللاتينية الثورية، ومباركة اتفاق الاطار مع طهران، وربما تطبيع العلاقات معها في المستقبل، وطهران جاهزة طبعا، يصب في المصلحة الاستراتيجية الاميركية، لأن واشنطن تسعى الى تفكيك التحالفات مع روسيا، او قصقصة اجنحة روسا في جنوب اميركا والشرق الاوسط.
في النهاية اقول ان الثابت، حتى الان، ان نتنياهو سيخسر معركته مع الادارة الاميركية، وهذه الخسارة سيكون لها تداعياتها وآثارها الجانبية داخل اسرائيل نتيجة الصدام مع اكبر حليف للكيان الصهيوني، ولكن لا يمكن لاحد التنبؤ بردود فعل، او تصرفات، رئيس حكومة اليمين المتشدد، خصوصا عندما يدرك انه خسر كل شيء، وهو الذي يعتنق عقيدة لا تؤمن الا بالتوراة والسلاح والخرافة، وربما استحضار قلعة مسعدة.