بعد مرور سبعة أشهر على إعلان وقف إطلاق النار ومع استمرار الحصار و تعثر ملفات الاعمار و المصالحة و الوفاق وعدم الاستقرار السياسي و الاقتصادي, تفاقمت وتعددت الأزمات في قطاع غزة المحاصر المنكوب , حيث أنة و بعد انتهاء الحرب البشعة الضروس التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة , والتى استمرت على مدار 51 يوم توقع و تفاءل الجميع بانتهاء حصار قطاع غزة الظالم وفتح كافة المعابر التجارية و البدء بعملية شاملة وسريعة لإعادة إعمار و تنمية قطاع غزة , لكن للأسف الشديد لم يتغير أي شيء على أرض الواقع , فمازالت إسرائيل تمنع دخول العديد من السلع و البضائع و المواد الخام و المعدات و الآليات و الماكينات و على رأسها مواد البناء و التى تدخل فقط بكميات مقننة وفق الآلية الدولية لإدخال مواد البناء , و التي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع , حيث أن ما دخل من مادة الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة اعمار قطاع غزة خلال سبعة أشهر من وقف إطلاق النار لا يتجاوز 70 الف طن و هذه الكمية تساوي احتياج قطاع غزة من الاسمنت لسبعة أيام فقط .
وهنا لابد من تكرار الاسئلة المطروحة منذ سبعة أشهر ولم نجد لها إجابة حتى الان وهي:
· متى سوف تبدأ عملية إعادة الاعمار الحقيقة و الجدية لقطاع غزة؟
· كيفية حصول المواطن العادي الغير متضرر على كيس الاسمنت؟
· كيفية حصول المستثمرين في العمارات و الابراج السكنية على كيس الإسمنت؟
ومن أهم أسباب تأخر وتعثر عملية إعادة الاعمار:
1. استمرار الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل , ومنع إسرائيل دخول العديد من مستلزمات إعادة الإعمار و السلع و البضائع و المواد الخام و المعدات و الآليات و الماكينات.
2. حالة عدم المصالحة و عدم الوفاق الفلسطيني , و التجاذبات السياسية بين حركتي فتح وحماس , والتي يدفع ثمنها والمتضرر الاول منها المواطن في قطاع غزة.
3. تأخر أموال المانحين وذلك بسبب تدهور الأوضاع السياسية على الصعيد الفلسطيني الإسرائيلي , وعدم وجود ضمانات بألا تدمر إسرائيل ما يتم اعمارة في أي حرب قادمة.
4. استمرار وتفاقم أزمة الكهرباء الخانقة , التى تستنزف موارد المواطنين المعدومة.
وأجمعت العديد من المؤسسات الدولية على أن الوضع كارثي وخطير في قطاع غزة , وقد حذرت من تداعيات إبقاء الحصار وتأخر عملية إعادة الاعمار على كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية.
حيث أدت تداعيات الحرب الأخيرة إلى تزايد عدد الفقراء و المحرومين من حقهم في الحياة الكريمة وتجاوزت معدلات البطالة في قطاع غزة 55% , وبلغ عدد العاطلين عن العمل حوالى 230 الف شخص , و ارتفعت معدلات الفقر و الفقر المدقع لتجاوز 65% وتجاوز عدد الاشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من الانروا و المؤسسات الإغاثية الدولية و العربية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60% من سكان قطاع غزة , وهي النسبة التي بلغها انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة.
وحذر صندوق النقد الدولى من أن النمو على المدى القصير لن يكون كافيا لاستيعاب قوة العمل المتزايدة في سوق العمل الفلسطيني , وتوقع استمرار معدلات البطالة في الارتفاع ما لم يكن هناك حل جذري يؤدي إلى رفع القيود الإسرائيلية و إنهاء حصار قطاع غزة بشكل كامل.
وبحسب صندوق النقد الدولي , فإن الحرب الأخيرة على قطاع غزة أدت إلى انهيار كافة الأنشطة الاقتصادية , وتشير البيانات الأولية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في قطاع غزة بنسبة 32% في الربع الثالث من 2014 , و نسبة انكماش في اقتصاد قطاع غزة بحوالي 15% خلال عام 2014 , و يعتبر هذا الانكماش الأول للاقتصاد الفلسطينيى منذ عام 2006.
وبحسب مركز الإحصاء الفلسطينيى انخفض الناتج المحلى في قطاع غزة بنسبة 18% خلال الربع الرابع لعام 2014 و شهد نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى في قطاع غزة تراجعا غير مسبوق خلال الربع الرابع من عام 2014 حيث بلغ 228.7 دولار أمريكي , مسجلا تراجع بنسبة 21% مقارنة مع الربع الرابع من العام 2013.
وأدت الاوضاع الاقتصادية المتدهورة إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، مما تسبب بركود تجاري واقتصادي حاد وغير مسبوق في تاريخ القطاع منذ عام 1967.
وفي الختام المطلوب من جميع شرائح المجتمع الفلسطيني وخصوصا السياسيين وصناع القرار استغلال الفرصة التاريخية لإنجاز المصالحة الفلسطينية والوقوف صفا واحدا لوضع الآليات الجادة لإنهاء الانقسام وتوفير كل الدعم لحكومة الوفاق الوطنى للقيام بمهامها والحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني.
كما أنهم مطالبون باستثمار الأوضاع الدولية لتحقيق حلم قيام الدولة الفلسطينية وتحرير أكثر من 1.8 مليون مواطن من أكبر سجن في العالم وإنهاء أسوأ وأطول وأشد حصار يشهده العالم في القرن الواحد والعشرين وتجنيب قطاع غزة من كارثة اقتصادية اجتماعية وصحية وبيئية.