كتب لي العزيز أسعد عبدالرحمن رسالة دعوة، بدأها هكذا: أخي، للأردن، وفلسطين، ولك الحياة والصحة والفرح. بدل الكلام التقليدي المكرور. وما أجمل الأردن وفلسطين والحياة والصحة والفرح.. فهذا ما نفتقده وقد صارت عيوننا مربعة كأجهزة التلفاز وصارت مشاهد الدم والدمار والجنون مشاهد يومية منذ ذاك الربيع وافتقد الواحد الحياة والصحة والفرح.
مع كل الاحترام للكوارث العربية، فإن لنا هنا في الأردن وفلسطين قضية لا تستدعي الأحزان، والدموع والمرارة.. وإنما النهوض، وإرادة القتال، وفرح الشهادة والعقل.
العقل قبل كل شيء. ونزعم أن الكارثة يجب أن تستدعي العقل، ويحملها أبناء الحياة والصحة والفرح.
والذين يفهمون النضال القومي لا يعتقدون أن نضال الفلسطينيين الآن غائب لأن الدم غائب، وأن تواضع الأردنيين في اشهار منجزاتهم الحضارية والوطنية يبدأ من شعارات الربيع إياه: الفقر والبطالة والاحباط والعجز عن تقديم شيء لفلسطين.
لقد تعودنا على حشد الشارع بالعنتريات الفارغة. فإذا صار الشارع أكبر، وصار أجمل، وامتلأ بأناس أصحاء، فرحين، تصورنا أن أمتنا ماتت. وأن الأبناء ليسوا مناضلين مثل آبائهم وأجدادهم.
الصخب، والفوضى الفكرية، والدم والحقد لا تصنع الحياة، ولا تضخ القوة والعزم في شرايين الأمة. فهل نصدق أن هؤلاء المتقاتلين على جثث الشعب في سوريا والعراق واليمن وليبيا هم كنزنا لاسترداد الحق الفلسطيني، أو للوقوف مع الأردن؟.
هناك من يتسلون بالتنظير، والبحث عن تمويل وتسليح القتلة. وهناك من يعرف مواقع أقدامه، ويقاتل بعقله وخلقه. لقد جربنا طيلة القرن المنصرم. راهّنا على الحلفاء، وراهنا على النازيين، وراهنا على الاتحاد السوفياتي العظيم. وخلال القرن انهار الحلفاء، والنازيين والاتحاد السوفياتي. ومع ذلك فإننا لم نفكر ولو للحظة أننا قادرون على امساك قضايانا بأيدينا، وصارت داعش وماعش وخلفاء آخر زمان يتصدرون المشهد.. وصار النهب والقتل ونشر الخوف والرعب هو أناشيد النصر والفتح والكرامة.
يا أخي أسعد. للأردن وفلسطين ولك الحياة والصحة والفرح.