أخر الأخبار
ومصر أيضا تدير العاصفة
ومصر أيضا تدير العاصفة

جمال الشواهين

مصر دولة إقليمية ليس سهلا تجاوز دورها في المنطقة إن تولاّها الأخوان المسلمون أو أيّة قوة سياسية منظمة حزبيا أو مستقلة. وهي إن كانت في أحسن حالاتها أو تمرّ في أزمات ومشاكل داخلية لا يتغيّر حالها كقوة عربية وأفريقية وتبقى مقررة وتحقق شروطها، كما أنّه لا يمكن الاستهانة بقدراتها العسكرية وما لديها من إمكانيات متنوعة إضافة لكثرتها السكانية وانتشار المصريين في دول كثيرة كعمالة وخبرات.

وهي الآن رغم ما فيها من شقاقات سياسية ونزاعات خلافية على السلطة وما فيها من أجواء مضطربة جراء محاكمة حسني مبارك ورموز نظامه إلاّ أنّها لم تفقد بوصلتها الأمنية والمعلوماتية الاستخبارية لتحليل ما يدور في المنطقة والوقوف عند ما يؤمّن طبيعة علاقاتها على أساس مصالحها وحماية دورها وتعزيز مكانتها. وفي هذا السياق يمكن قراءة قرارها سحب الاعتراف بالنظام السوري وإغلاق سفارته بالقاهرة وسحب القائم بالأعمال المصري من دمشق.  

لولا أنّ لدى مصر ما يكفي من معلومات على اقتراب موعد الحسم في سوريا وطبيعة المرحلة المنتظرة الجديدة فيها لما بادرت بقرارها, ولو أنّه لديها شك بسيط في استمرار النظام الحالي في الحكم أو بوجود دور ما له في أيّ حل لامتنعت أيضا عن الخطوة التي أعلنتها. وهي إذ تقف الآن جراء ذلك على مسافات مختلفة من الأطراف السورية إلاّ أنّها بإعلانها قد ألغت المسافة تماما مع النظام.

من الجدير ملاحظة أنّ القرار المصري لم يأتِ ضمن أداء جماعي عربي أو دولي وإنّما منفردا، وبهذه الحالة يخرج من اعتباره تنسيقا للضغط أو في إطار حشر النظام السوري، وهو بهذا يكون متجها نحو عملية إسناد منسّقة بالأساس, وهذه ربما تكون بهدف تنفيس موقف الشارع سلفا في حالة التدخل العسكري أو حتى فرض مناطق عازلة داخل سوريا تؤمن استعادة المعارضة لقدرات عسكرية مؤثرة.

 

قد نجد قريبا من يتبع الخطوة المصرية من الدول العربية وحتى الأجنبية لإظهار النظام السوري فاقدا للشرعية وأنّه بات لزاما التخلص منه, وهنا تماما يكون تزايد الضغط على الموقف الروسي لدفع موسكو نحو تفاهمات ليس من ضمنها الرئيس السوري أو حتى القوات العسكرية, وآنذاك تكون طهران مجبرة على حرف وتكييف مواقفها طالما النظام السوري معزولا أو يقترب من سكراته الأخيرة.