تركي عبدالله السديري
قبل ثلاثين عاماً تقريباً - وليس سبعين عاماً بداية التحولات في الحكومات العربية - قبل ثلاثين عاماً كنا ومازلنا نعيش استقراراً في كل شؤون حياتنا، ولم يكن لدينا إسلام خاص.. وحتى إذا وُجد فهو لدى فئة محدودة وضعتها بساطة المفاهيم في خصوصية تتعلق بآرائهم وأفكارهم، لكنهم بصفة عامة ليست لديهم خصومات مع فئات أخرى وتصنيف تنوّع انتماءات دينية..
هذا لم يحدث.. ثم إن الغالبية السكانية قد ارتوت جيداً.. جيداً من أبعاد حداثات التعليم وتنوّع مقاصده، وفي نفس الوقت تعدّد اطلاعه على الثقافات الأخرى.. يدعم ذلك أو يعطيه قدرة التكامل أنه تكاثر لدينا عدد المتخصصين في كفاءة القدرات الاقتصادية وتنوّعها.. ودفعت الدولة المجتمع عبر توسّع العلاقات من ناحية ودعم تحديث الثقافات وتنوّعات التعليم من ناحية أخرى في كفاءة الوصول إلى مستوى اجتماعي متميّز عربياً..
ولعل شاهد البرهان الجزل في وجاهة ما نحن عليه من مفاهيم إسلامية لم تطرح كوسائل سياسية كما عند غيرنا، لم يحدث أن كنا في مواجهة نزاعات طائفية، أو أن تكون الدولة تفعل ذلك مع دول أخرى.. مع أن الحاضر السياسي العربي قد لجأ إلى المعبر الديني الذي كان مرفوضاً في الدول العربية قبل هذا العصر، حيث هي الآن تتورّط بما هو واضح فيها من خلافات فئات أو مذاهب، والسبب أن التحريك الطائفي لم يتواجد بدافع ولاء ديني بقدر ما تدافع برغبات مكاسب سياسية غير معلنة..
لنسأل أي سعودي: هل عايش في ماضيه القريب - قبل سنوات لا تتجاوز الثلاثين - وجود توجّهات دينية سياسية؟.. فهذا لم يحدث كما هو واقع بعض الدول العربية.. والخطورة أن ما يتم تقف خلفه مقاصد سياسية وبعضها غير عربي..
المهم؛ نأتي إلى جانب من طرائف هذا التنوّع ومن ناحية أخرى مقاصد الغايات.. فإذا كان ما نراه هو تزمّت خصومات بين سنّة وشيعة فقد فُتح الباب مؤخراً لنسمع عن قرارات عقائدية ليس لنشاطاتها مواقع ظهور معلنة، لكن حين تعلن بعض المواقع الإخبارية بأن أبوبكر البغدادي الذي يتزعم فرع القاعدة في العراق قد قرر قيام الوحدة باسم الدولة الإسلامية بين كل من العراق وسوريا.. وهذا بكل حال لن يعني حتمية وجود دولة بهذا المسمى، لكن لأن تهتّك الأوضاع الأمنية في كل من سوريا والعراق سمح بوجود هذا التصريح.. نجده يأتي تصريح آخر لأيمن الظواهري الرجل الثاني بعد ابن لادن في زعامة القاعدة يرفض فيه حالياً قيام هذه الوحدة..
تُرى من ستكون الفئة الرابعة؟.. ونلاحظ في مواقع الحاضر المؤلم أن كل فئة هي في داخلها منطلق فئات..