أخر الأخبار
حدث أممي مميز برئاسة ولي العهد
حدث أممي مميز برئاسة ولي العهد

 تشهد أروقة الأمم المتحدة حدثا مميزا واستثنائيا اليوم الخميس، حيث يرأس سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد، جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة موضوع «صون السلام والأمن الدوليين: دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز السلام.»
وتكتسب هذه الجلسة أهميتها أولا من ترؤس سمو ولي العهد لها، فسموه هو الأقرب إلى نبض الشباب باعتباره واحدا منهم، وهو خير من يتحسس طموحاتهم وآمالهم في صياغة عالم خال من العنف والتطرف، والهاشميون بحكم انتسابهم إلى الدوحة النبوية المشرفة يمثلون وسطية الإسلام واعتداله وحقيقته السمحة، وليس الصورة الزائفة المشوهة لهذا الدين الحنيف التي يروج لها المتطرفون، ولذلك فإن الهاشميين أصحاب صوت مسموع وكلمة مؤثرة في كل الأوساط الدولية.
ويعد انعقاد هذه الجلسة برئاسة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله اعترافا واضحا بمكانة الأردن ودوره المميز على الساحة العالمية وأهليته لقيادة الجهود الرامية لمكافحة التطرف وتعزيز السلام والإستقرار على الصعيد العالمي.
فقد بذل الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ومايزال جهودا كبيرة لصيانة الأمن والسلم الدوليين على الساحة العالمية من خلال مشاركته الفاعلة في قوات الأمم المتحدة العاملة في مجال حفظ السلام في الكثير من دول العالم المضطربة.
وأطلق الأردن العديد من المبادرات ككلمة سواء ورسالة عمان وأسبوع الوئام العالمي الذي تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة واحتضن الأردن عددا كبيرا من المؤتمرات التي تدعو للتسامح والاعتدال.
وقد سعت هذه الجهود الأردنية المتواصلة إلى تعزيز مفاهيم العيش المشترك وإعلاء القيم الإنسانية بعيدا عن التعصب والإنغلاق، وعملت على نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر وتوضيح حقيقة الإسلام كدين ذي رسالة عالمية تحث على التراحم والتعايش وإحترام الآخرين وليس كما يصوره المتطرفون الذين ألصقوا بديننا الحنيف تهما لاتمت له ولا إلى حقيقته الناصعة بأية صلة.
إن أنظار العالم تتجه غدا إلى مجلس الأمن حيث يرأس سمو ولي العهد هذه الجلسة الخاصة بالنظر إلى أن البشرية كلها تواجه حاليا خطر التطرف بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الأنساني.
وثمة شعورا متناميا بالقلق على إمتداد الساحة العالمية من تفشي ظواهر التطرف العنيف في مختلف الأوساط وخصوصا بين الشباب الذين يقعون فرائس سهلة لحملة الأفكار المتطرفة ممن يستغلون ثورة التكنولوجيا والإتصالات الحديثة لنشر أفكارهم الهدامة بإسلوب خبيث لإصطياد الشباب من مختلف دول العالم وتحويلهم إلى قنابل موقوتة تستهدف أمن مجتمعاتهم وتعمل على زعزعة السلم والإستقرار في دول العالم.
إن معالجة انتشار ظاهرة التطرف في أوساط الشباب تستدعي علاجا يشمل العديد من الجوانب. ولاشك أن الإرتقاء بالخطاب الديني هو الخطوة الأهم في هذا المجال وذلك بهدف نقل الصورة الحقيقية للأديان بإعتبارها ثمثل قيما نبيلة تحض على البناء وإعمار الحياة وإحترام الآخر وتعزيز التواصل ولاعلاقة لها بالصورة الزائفة اتي يروج لها المتطرفون والتي تقوم على الكراهية والعنف والتطرف واستباحة دماء الأبرياْء.
كما يقتضي الأمر إعادة النظر في مناهج التعليم في محتلف دول العالم والتأكيد على ضرورة أن تؤكد هذه المناهج على قيم التسامح وإحترام الآخر ضمن معايير مهنية صارمة بحيث لايتم استغلال المدارس والجامعات للترويج للتطرف تحت أي ظرف من الظروف.
ومن جهة أخرى فإن تطوير الواقع الإقتصادي في الدول النامية من شأنه أن يسهم في تجفيف البيئة الحاضنة التي يستغلها المتطرفون لنشر أفكارهم الهدامة في أوساط الشباب، فإغلاق ثغرة اليأس المتفشي بين الشباب في العالم الثالث نتيجة لتردي الأوضاع الإقتصادية سيحرم المتطرفين من أحد أهم المصائد التي توفر لهم فرائس سهلة من الشباب المجرد من الأمل بتحقيق الشروط الأساسية للحياة الكريمة.
ولاشك أن تفشي خطاب الكراهية في وسائل الإعلام يعد إنحرافا خطيرا عن نهج الإعلام الذي يجب أن يحترم الحياة الإنسانية وينشر رسالة الخير والسلام للبشرية كلها. ولهذا فإن مسؤولية كبرى تقع على كل دول العالم لتنقية عمل وسائل الإعلام من كل مايحض على التطرف والكراهية وذلك بتفعيل القوانين والإلتزام بالمبادئ المهنية لعمل وسائل الإعلام.
ويجب أن تتوافق وسائل الإعلام فيما بينها على أن الإساءة للأديان ورموزها لايمت لحرية الإعلام بصلة ويعد إستغلال بشعا لحرية الصحافة، إذ لايؤدي ذلك إلا إلى تأجيج نيران البغضاء والكراهية ويصب في مصلحة دعاة التطرف.
إن الأمل كبير أن تؤسس جلسة مجلس الأمن غدا، والتي يرأسها سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد، إلى خلق واقع جديد ومقاربة مختلفة تشترك في صياغتها دول العالم لمواجهة خطر تفشي التطرف في أوساط الشباب والنظر في مايمكن عمله لإستثمار طاقات الشباب في بناء محتمع إنساني قائم على اسس السلام والعدالة والمساواة بعيدا عن خطر العنف والتطرف.