التغيرات السريعة في الرياض والعاجلة والحازمة، لا تحتاج لتفسير، فالمُلك الجديد، الذي يواجه خطر الإرهاب ويخوض حرباً ضد النفوذ الإيراني في المنطقة ويحاول تكريس عودة الكتلة السنية لمواجهة الهلال الشيعي الذي حذر منه الأردن مبكراً، يعلن عن قوته في سلسلة تغيرات ومجموعة قرارات داخلية تبين أن الدولة السعودية لم تأخذ وقتاً كبيراً في انتقال الحكم، بقدر ما انتقلت عاجلاً إلى زمن جديد يتطلب المزيد من التجديد وضخ الدماء النشطة. ومنذ توليه الحكم أقدم الملك سلمان بن عبد العزيز المعروف بحزمة داخل العائلة منذ كان رئيس مجلسها وأميراً للرياض، على جملة قرارات وتغيرات شملت وزراء لم يمكثوا في مواقعهم شهوراً، ومارس درجات عالية في الإعلان غير المباشر لمواطنية بان المملكة تدخل زمناً جديداً وأن المستقبل لا يعني فقط الأمان المالي او تكريس الثروة أو صرف الرواتب. اليوم ومنذ أن قادت السعودية تحالفاً سريعاً في حرب سريعة ضد التمدد الإيراني في اليمن بقوة حوثية، بات ملحوظاً أن الرياض لا تبحث عن سلامة حدودها وحسب بل تريد أن تكسر السطوة الإيرانية وأن تقول لحلفاء إيران الروس أن بوسعها اتخاذ قرارات مفصلية وإن كانت غير مقبولة لدى الغرب أحياناً. وموسكو فهمت الدرس، والنظام السوري والإيراني كذلك، منذ امتنعت روسيا ومعها الصين عن التصويت على قرار مجلس الأمن بخصوص الحرب اليمنية، وفي موازاة هذا كله تجري التحولات وتزداد الضغوط على النظام السوري الذي ارسل وزير دفاعه إلى طهران، في الوقت الذي تحقق فيه المعارضة والجيش الحر نجاحات كبيرة على الأرض في المناطق الشمالية القريبة من الساحل، وهذا الأخير إن توجهت إليه وحصدت فيه المزيد من المكاسب، فسيكون على نظام بشار الأسد ادراك النهايات. عملياً تتم المباحثات والمحادثات اليوم بين القوى الإقليمية لتعجيل النهاية السورية، والسعودية ومعها قطر وتركيا في هذا المسعى - دون الإمارات المترددة قليلا في المسألة السورية - وروسيا التي احتفظت بالنظام السوري لديها اليقين بأن سوريا الأسد لن تصمد كثيراً، وأن الحسم بات وشيكاً، وأن المزيد من الرسائل السعودية مقبلة. في هذا السياق تعيد السعودية تمتين تحالفها، وقوتها الإقليمية وبخاصة مع دولة الأمارات العربية المتحدة، فزيارة ولي العهد الإماراتي الأخيرة كانت دالة على أي أرضية تستند تلك العلاقة التي تجددت في اكثر من سياق، والزيارة دحضت وألغت كل التفسيرات والتوقعات عن برود في العلاقات بين البلدين. هذا كله يطرح سؤالا ، المدى الأردني في العلاقات مع السعودية، هل ثمة برود فيها أم لا؟ الجواب من القريبين مع دوائر القرار، يأتي بالنفي، وأن الأردن جزء من تحالف السعودية، وأن الترويج الإعلامي لوجود خلاف هو محض كلام، لكن في المحصلة لدينا وزير سعودي جديد للخارجية، وطبقة حكم مستقبلية في الرياض تتشكل ولابدّ من التواصل أكثر معها.