القدس المحتلة-الكاشف نيوز: أعلنت البلدية الإسرائيلية لمدينة القدس المحتلة الأسبوع الماضي مشروعاً لإقامة منطقة صناعية في ضواحي المدينة. على ان اللافت في هذا المشروع انه يقام على جانبي «الخط الأخضر» (الفاصل بين اسرائيل والضفة الغربية) في ما يبدو انه يهدف الى محو اي حدود بين القدس الغربية الإسرائيلية، والقدس المحتلة عام 1967.
والمنطقة الصناعية هذه التي تقام على اراضي قريتي صفا وبيت سيرا قضاء رام الله وسط الضفة قرب الحاجز العسكري المؤدي إلى مستوطنة «موديعين»، واحدة من سلسلة مشاريع توسع استيطاني في القدس أقرتها السلطات الإسرائيلية في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. وكانت السلطات صادرت الأراضي التي تقام عليها المنطقة الصناعية هذه عام 1991 وبلغت مساحتها 310 دونمات.
ومن بين هذه المشاريع، مشروع اعلنته البلدية لإقامة 1200 وحدة استيطانية جديدة على المنحدرات الجنوبية للقدس، والمطلة على مدينة بيت جالا جنوب الضفة. وصادرت السلطات الإسرائيلية هذه الأراضي ضمن مشروع «القدس 2020» الذي يهدف الى بناء 58 ألف وحدة سكنية في المستوطنات التي أقيمت في مدينة القدس وحولها، بما في ذلك مستوطنات اقيمت على اراضي مدن اخرى مثل بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وقرى رام الله.
وقال تقرير صدر أمس عن «المكتب الوطني للدفاع عن الأراضي ومقاومة لاسيتطان» ان الحكومة الإسرائيلية تعتزم إقامة مستوطنة جديدة على أراضي قرية الولجة تضم 5000 وحدة استيطانية، وربطها بالقطار الخفيف مع بقية مستوطنات جنوب القدس. ويبتلع مشروع القدس الكبرى 10 في المئة من مساحة الضفة، ويسعى الى تحقيق غالبية يهودية في مدينة القدس التي تعتبرها اسرائيل عاصمتها الأبدية.
وجاء في التقرير: «في السياق ذاته، صادقت اللجنة المحلية للتنظيم والبناء الإسرائيلية في بلدية القدس الغربية على بناء 181 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة غيلو المقامة على الأراضي الفلسطينية جنوب القدس الشرقية المحتلة». وأضاف: «وتأتي هذه المصادقة كآخر خطوة قبل الشروع الفعلي في عملية البناء، وبالتزامن مع هذا المخطط الاستيطاني ايضاً، وضعت دوائر التخطيط الإسرائيلية في الأيام الأخيرة لمساتها الأخيرة على مخطط لبناء مجمع استيطاني يشمل مباني فاخرة تضم 270 وحدة سكنية شرق القدس على مساحة 15 دونماً سيتم الاستيلاء عليها عبر مصادرة أراض تابعة لعائلة درويش في القدس المحتلة، وضمها إلى مستوطنة غيلو جنوب غربي القدس المحتلة».
وأعلنت السلطات الأسبوع الماضي وضع حجر الأساس للمرحلة الأولى من مشروع «وجه القدس». وقال المكتب الوطني ان «هذا المشروع التهويدي يشمل المدخل الرئيس الجديد ضمن مخطط القدس الكبرى».
وأطلقت السلطات على هذا الحي اسم «الحي الاقتصادي»، وسيقام على مساحة 211 دونماً من أراضي قرى دير ياسين ولفتا والنبي صمويل وبيت إكسا وبيت سوريك وغيرها من القرى الواقعة شمال غربي القدس. ويحتوي الحي الجديد القريب من مجمع البنيات الحكومية الإسرائيلية، على مراكز تجارية، ومراكز سياحية، وفنادق، ومراكز ترفيه، ومركز مؤتمرات، وأبراج شاهقة ومحطة قطار سريع، وعلى محطتين للقطار الخفيف، كما سيضم أكبر مركز للمؤتمرات.
وقال المكتب الوطني: «انه المشروع الأكبر والأكثر أهمية وحيوية لمستقبل القدس في النظرة الإسرائيلية التي تعني مزيداً من الاستيطان والتهويد».
وفي خطة يراها فيها الفلسطينيون وسيلة لضم أجزاء واسعة من الضفة لإسرائيل، أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروع إقامة سكة حديد تربط القدس بمستوطنات شرق القدس ورام الله، ويتضمن اقامة أربعة خطوط للقطار الخفيف تربط القدس بمستوطنات «معاليه ادوميم، و «أودم» و «عطروت» و «غفعات زئيف» و «مفسيرت تسيون». وتضمن المشروع ايضاً حفر نفق تحت الأرض بطول كيلومترين وعمق 80 متراً، ويمر عبر أراضي قرى بيت إكسا ولفتا، ويلتف حول أسوار القدس ليصل الى ساحة حائط البراق.
وأطلق مجلس مستوطنة «معالية أدوميم» الواقعة بين مدينتي القدس وأريحا، قبل أيام حملة تطالب بضم المستوطنة الى اسرائيل. وجاء في إعلان حمل اسم مجلس المستوطنة ومجلس المستوطنات في الضفة انه «آن الأوان لتطبيق السيادة الإسرائيلية على معاليه أدوميم». ويختتم الإعلان بشعار كبير جاء فيه: «معاليه أدوميم، آن أوان السيادة!».
وقال تقرير المكتب الوطني إن الموازنة العامة الإسرائيلية للعامين المقبلين التي أقرها البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قبل ايام، تكرّس الاحتلال وتكثف الاستيطان وتعمق التمييز والإجحاف ضد المواطنين العرب الذين يشكلون 20 في المئة من مواطني الدولة.
وجاء في التقرير أن هذه الموازنة تخصص الجزء الأكبر لمصلحة الجيش والمستوطنات، وأنها بنيت على الأفضلية القومية اليهودية ومشاريع التهويد والاستيطان، وتدمر في شكل منهجي فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان عام 1967. وبلغ حجم الموازنة الإسرائيلية للعامين المقبلين 454 بليون شاقل (117 بليون دولار)، و463 بليون شاقل (120 بليون دولار).
وتلتزم الحياد في الانتخابات الاميركية
ليس جديداً أن يركّز الإعلام الإسرائيلي تغطيته في الأيام الأخيرة على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، فيوليها صدارة اهتماماته من خلال إيفاد كبار مراسليها ومحلليها إلى واشنطن لبث تقارير متلفزة مطوّلة وتخصيص صفحات كثيرة تطغى على سائر الأخبار من دون القفز عن أهمية الصوت اليهودي الأميركي، إنما الجديد هذه المرة اتخاذ سدنة المستوى السياسي دور المحايد غير الآبه بهوية الفائز.
وخلافاً للانتخابات الأميركية الأخيرة قبل أربع سنوات، والتي اتخذ فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو موقفاً واضحاً مناصراً للمرشح الجمهوري بيت رومني، ما تسبب لاحقاً في تردي علاقاته المتردية أصلاً بالرئيس باراك أوباما إلى الحضيض، حرص نتانياهو ووزراؤه خلال الأشهر الأخيرة على عدم الإدلاء بأي تصريح يقبل تأويلات، باستثناء تأكيد نتانياهو قبل أسبوع بأنه تلقى دعوة من كل من المرشحين لزيارة البيت الأبيض مع تسلمه منصبه.
وأمس، كانت المرة الأولى منذ بدء المعركة الانتخابية التي يتطرق نتانياهو إلي الانتخابات بشكل مباشر وعلني، حين أعلن بداية تصريحاته الأسبوعية التي تسبق اجتماعات حكومته أنه بغض النظر عن هوية الفائز غداً، فإن التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل متين وسيتعزز. وقال: «ليس مهماً من سينتخب رئيساً، فأنا متأكد بأن علاقاتنا المتينة مع الولايات المتحدة ستتعزز أكثر وأكثر... الولايات المتحدة ستبقى وفية للمبادئ التي حددتها في السنوات الأخيرة، ومنها أن النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي يتم حله بمفاوضات مباشرة وليس من خلال قرارات أحادية الجانب»، وهي جملة اعتبرها مراقبون موجهة إلى الرئيس باراك أوباما الذي تخشى إسرائيل أن يقوم في الفترة المتبقية على مغادرته البيت الأبيض (حتى العشرين من كانون الثاني - يناير المقبل) باتخاذ قرارات لا تعجب إسرائيل بداعي أنه متحرر من أي ضغوط سياسية. وزاد أن «التحالف مع الولايات المتحدة هو الأول والأقوى بين مختلف تحالفاتنا».
من جهتها أيضاً، تحاول وسائل الإعلام المختلفة تغطية الحدث بموضوعية من دون تفضيل مرشح على الآخر، وإن كانت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية الأوسع انتشاراً والمملوكة للبليونير الأميركي اليهودي شيلدون أدلسون الداعمة لنتانياهو، تظهر في عناوينها وتحليلاتها بعض التعاطف مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب المدعوم من أدلسون.
ويشدد الخبير في السياسة الأميركية البروفيسور إيتان غلبواع في حديثه للإذاعة العامة على حقيقة أن الأميركيين لا يتناولون البرامج السياسية لترامب أو منافسته مرشحة الديموقراطيين هيلاري كلينتون «بعد أن طغى الجانب الشخصي السلبي على التنافس في شكل غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الأميركية»، مشيراً إلى أنه من المفارقات أن شخصنة المعركة سترفع نسبة المصوّتين لأن كلاً من الطرفين لا يريد رؤية الثاني في البيت الأبيض. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن ارتفاع النسبة سيصب في مصلحة كلينتون.
وأضاف أن ترسبات «الذم المتبادل والقبح وعدم الاحترام المتبادل والثقافة السياسية المتدنية التي لم يتعود على مثلها الأميركيون»، ستبقى بعد الانتخابات، إذ سيواصل الطرف الخاسر، أياً كان، الطعن في أهلية الفائز لتولي المنصب الرفيع، و»ستحلق فوق رأسه غمامة سوداء، فترامب معرض إلى مزيد من الاتهامات من نساء، وكلينتون قد تتعرض إلى المساءلات القانونية، وربما إلى لائحة اتهام أو محاولة إطاحة». مع ذلك، أعرب غلبواع عن اعتقاده بأنه في حال انتخاب ترامب، فإنه سيتجه نحو الاعتدال في تصريحاته «كي يستطيع التعاون مع الكونغرس».
واتفق معه في ذلك كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع بتأكيده أن «من سيدخل البيت الأبيض سيعاني من رصيد سلبي، وسيرى الناخبون في الرئيس المنتخب دجّالاً سرق الانتخابات... أو مجرماً جنائياً أفلت من العقاب، أو جباناً سينزل كارثة على الولايات المتحدة، أو مغامراً سيجرها إلى حرب عالمية ثالثة»، مضيفاً أن ما كتب بلغة المذكر ينطبق على المؤنث. وزاد: «في حال انتخبت هيلاري، فستكون محاولات لبعض الجمهوريين على الأقل للعمل على إطاحتها أو شلّها في الكونغرس، وفي حال فاز ترامب فإنه سيتصعّب في التخلص من التهديدات والعنتريات التي وزّعها، فمن يزرع الرياح قبل الانتخابات مصيره أن يحصد العاصفة بعدها».