رام الله - الكاشف نيوز : محمود رضا عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، الذي تباكى، مؤخرا، على رحيل الشهيد الرمز " أبو عمار، في الذكرى 12 لرحيله، وكشف عن أنه يعرف من قتل الزعيم الفلسطيني " ياسر عرفات"، لكنه ينتظر لجنة التحقيق المكلفة بهذه القضية للكشف عن المتورطين، إن نسي فالشعب الفلسطيني، العاشق لرمزه الخالد، لا ينسى أن هذا المتباكي اليوم، هو نفسه، الخصم اللدود " للختيار"، بل إن شبهة الاغتيال تطاله شخصيا!
وإن تناسى عباس، فنحن نذكره، عبر هذا الملف، الذي يتناول حقيقة العلاقة بين الرمز الشهيد" أبو عمار" ورئيس المقاطعة برام الله، وكيف كانا على اختلاف وخلاف دائم، وكيف اشتد الصراع بينهما، ومدى الحقد الذي يضمره عباس لـ الشهيد القائد، والشبهات التي تدورحول دور لعباس في اغتيال فقيد الأمة، وتعمده طي ملف الاغتيال سنوات طويلة:
يقول جوزيف مسعد، أستاذ السياسة في جامعة كلومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية:" لم يشارك عباس في أي مقاومة فعلية ضد العدو الإسرائيلي، اللهمّ إلا إذا اعتبرنا رسالة الدكتوراه، التي زعم أنّه كتبها وأنكر فيها محرقة هتلر، أنّها مقاومة".
إذن، لم يكن عباس من طينة قائد مثل عرفات وأغلب رفاقه. أبو عمار الذي حمل البندقية قبل أن يرفع غصن الزيتون، وعرفته ساحات الوغى، مقاتلا عنيدا، قبل أن تعرفه طاولات الحوار، مفاوضا صلبا متمسكا بثوابت حق شعبه في الحرية وتقرير المصير. الرجلان كانا بحق مختلفين وانتهيا إلى خلاف كبير.
لم يكونا يوما على وفاق!
يقول أحد القيادات الفتحاوية المقربة من الراحل " أبو عمار": مراحل الخلاف كانت واضحة بشكل جلي بين عرفات وعباس، وكان الفاصل بها عام 2002 حين فرض الأمريكان عباس رئيسا للوزراء على الرئيس عرفات، وحينها اشتد الخلاف، وحشد عباس كل طاقاته وحلفائه لمحاربة "عرفات" وكان هناك اجتماع في بيت " عباس" سماه عرفات آنذاك باجتماع الذل والعار.
و حسب مصادر فتحاوية مطلعة، كان الهدف من ذاك الاجتماع، التنسيق مع الجهات الأمريكية والإسرائيلية للتخلص من عرفات، الذي كان يعتبر آنذاك " عقبة في وجه السلام" حسب أقوال أمريكا وإسرائيل.
وقتها قام عرفات بإخراج مسيرات ضد حكومة عباس في رام الله وغيرها من المدن، واصفة عباس بأنه " كرزاي فلسطين " نسبة للرئيس الأفغاني " حامد كرزاي" الذي جاءت به أمريكا لتنفيذ سياساتها بإفغانستان، كما اتهمت تلك التظاهرات التي أخرجها أبوعمار، عباس بأنه جاء لتنفيذ سياسة صهيو - امريكية في فلسطين.
نبيل عمرو، الكاتب والسياسي الفلسطيني المخضرم، قال في هذا السياق: " إن عباس لم يكن في يوم من الأيام حليفا لأبي عمار، بل كانا على اختلاف دائم على كافة الصعد، وفي مختلف المجالات، سواء السياسية أو التنظيمية مع بعض الدول والأطراف .
في هذا السياق، يقول الصحافي والكاتب الفلسطيني المعروف، عبد الباري عطوان، في مقالة له: " الرئيس عرفات لم يكن راضياً عن " نحت" منصب رئيس الوزراء على مقاس السيد عباس. واعتبر ذلك محاولة لإزاحته من منصبه، ونزع معظم صلاحياته كرئيس، إن لم يكن كلها، خاصة أن من كان يضغط في هذا الاتجاه الولايات المتحدة الامريكية والدول المانحة، حيث أن الخيارات أمام الرئيس عرفات كانت محدودة في أمرين إثنين: إما القبول بالسيد عباس رئيساً للوزراء، أو وقف كل المساعدات المالية لسلطته في رام الله. ففضل الخيار الأول على مضض لكسب بعض الوقت.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يصف الرئيس عرفات خصمه السيد عباس بأنه " كرزاي فلسطين"، فقد بلغ التنافر بين الرجلين درجة متدنية بحيث لم يكن بينهما أي حوار او اتصال فعلي".
وبحسب المستشار السياسي للرئيس عرفات " مروان كنفاني" الذي قال في كتابه سنوات الأمل: " إن العلاقات بين الرئيس عرفات ورئيس وزرائه محمود عباس استمرت في التدهور، وابتدأ السيد عباس في تجنب اللقاء مع الرئيس عرفات واكتفى بإبلاغه بقرارات مجلس الوزراء عن طريق مبعوثين, الأمر الذي زاد في شكوك الرئيس عرفات بأن رئيس وزرائه يعمل على تنفيذ عملي لقرار عزل وتقليص صلاحيات رئيس السلطة الفلسطينية، وتجمد بذلك الوضع السياسي والداخلي نتيجة عدم قدرة أي من الجانبين على تنفيذ قراراته.
وكان الناطق السابق باسم حركة فتح "ماهر مقداد" قد كشف في وقت سابق، أن إطلاق الرئيس ياسر عرفات على خلفه محمود عباس "كرزاي فلسطين" جاء بعد أن فرضته الإدارة الأمريكية عليه، ليعينه في منصب رئيس الوزراء وسحب كافة صلاحيات الراحل .
عباس يشتم " أبو عمار"!
قال قيادي فتحاوي معروف بقربه الشديد من الرئيس الراحل : " من الذي لا يعرف في الحركة، إن عباس، و منذ استقالته من رئاسة الحكومة، لم يدخل مكتب أبو عمار حتى للحظة واحدة، و كان يرفض كل الجهود التي بذلها قادة و كوادر الحركة من اجل الوساطة ؟".
وأضاف: " لقد كان عباس، و أمام وسطاء حاولا حل الخلاف بينهما، إبان ترأس عباس لرئاسة الوزراء، يصف الرئيس الراحل بأبشع الأوصاف، و كانت لغته غير المحترمة ضد أبو عمار قد استمرت حتى بعد " استشهاده " ، و العديد منا سمع أبو مازن يشتم " الختيار " حتى خلال ايام الحداد الوطني الرسمي على رحيله ".
وأطنب: " عندما ذهب عباس إلى المستشفى في باريس، حيث كان الرئيس الراحل يُعالج، رفض الدخول الى غرفته وكان أحمد قريع الوحيد الذي دخل الغرفة، وانهار باكيا على عرفات".
وتشير قيادات إلى أن عباس كان يصف الرئيس الراحل بأبشع الأوصاف، وكانت لغته غير محترمة ضده واستمرت حتى بعد استشهاده، حيث كان يشتمه حتى خلال ايام الحداد الوطني الرسمي على رحيله.
تخاذل وصمت مشبوه لسنوات!!
بعد اغتيال أبو عمار، وتولي خصمه عباس رئاسة السلطة، لفت المراقبون إلى أن السلطة الفلسطينية لم تطلب مطلقا إجراء تحقيق دولي محايد ومستقل، حول هذه الجريمة، ونوع السم الذي استخدم للقضاء على الرئيس الراحل، تماما مثلما طالبت الحكومة اللبنانية بتحقيق مماثل في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري!
بعد عدة أعوام، السيد فاروق القدومي، رئيس الدائرة السياسية، فجّر قنبلة هزت الساحة الفلسطينية بأسرها عندما اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالتورط في مؤامرة الاغتيال هذه، الأمر الذي دفع بالرئاسة الفلسطينية الى اصدار بيان ينفي هذه المزاعم ويتهم السيد القدومي بالكذب، ويهدد بمعاقبته أمام محكمة حركية.
وكشفت في وقت سابق، معلومات تشير إلى أن عباس خطط لدى وفاة عرفات لعمل مراسم محدودة لوداع الزعيم الراحل، لولا تدخل بعض المسؤولين المصريين من أجل إقامة مراسم وداع عربية ودولية له في القاهرة، في حين كان برنامج عباس إحضار جثمان "الشهيد ابو عمار" الى مطار ماركا الاردني، لينقل بطائرة هليكوبتر أردنية ليمكث لعدة ساعات في المقاطعة برام الله حيث يسمح لخمسمائة من الشخصيات الفلسطينية إلقاء نظرة الوداع.
وتضيف المعلومات، إلى أن عناصر حركة فتح هم من تحدوا عباس وفرضوا عليه ذلك الوداع التاريخي المؤثر، بعد ان حطموا اسوار المقاطعة وبواباتها المغلقة.
وكشف تحقيق للجزيرة، قبل أعوام، وجود مستويات عالية من مادة البولونيوم المشع والسام في مقتنيات شخصية للرئيس عرفات، استعملها قبل فترة وجيزة من وفاته وذلك بعد فحوصات أجراها مختبر سويسري مرموق. وتحوم الشكوك حول شخصيات ظهرت فجأة على الساحة الفلسطينية بعد اختفاء لأعوام يدبرون بليل من وراء الكواليس، وعلى رأسهم محمود عباس الذي خلف الراحل في رئاسة السلطة منذ وفاته إلى الآن. إذ سطع نجم عباس كبديل براغماتي لعملية التفاوض مع بداية عام 2003 وباتفاق بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية حينما قررت عدم مواصلة المفاوضات مع ياسر عرفات بعد اتهامه أنه رجل لا يريد السلام.